09‏/01‏/2009

المادة الجدلية 61

يناقش الفقهاء المسلمين سابقا بعض المواضيع الجدلية التي نجد بها اختلاف شديد بين العلماء إلا أن أبناء بلدي يناقشون في منتدياتهم ومجالسهم المادة 61 من قانون الاتصالات التي تدل على التخبط التشريعي الذي وقعت فيه الجهات الموكلة بصياغة القوانين أو تعديلها، فمن العيوب القانونية المتعارف عليها أن يتم تعديل القانون بشكل مستمر إذ يفقد هذا القانون صفته الأساسية وهي مخاطبة الكافة والثبوت، وهذا النقاش يجب أن يرى صداه منذ سنوات طويلة عندما أقر قانون المطبوعات إلا أن القارئ للوضع سيجد أن الصحافة العمانية لا تعرف الخطأ إنما تسير على صراط قانون المطبوعات والنشر لهذا لم تطبق المحاكم الوطنية إلى يومنا هذا(1) قانون المطبوعات والنشر، هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن قراء الصحافة الورقية في عمان لا يجد صداه كما هو الحال في الصحافة الالكترونية، والدليل على ذلك التصدي للمادة 61، على كل حال تعد المادة 61 مادة مجحفة بحق أصحاب المنتديات أو المدونات لعدة أسباب كما يلي:-
1- مبدأ الشرعية:- من المبادئ القانونية المسلم بها مبدأ الشرعية، والذي يلامس بشكل عام تدرج القوانين ابتدء من النظام الأساسي انتهاءً بالقرارات الإدارية الفردية، وتأكيدا على هذا المبدأ ما نصت عليه المادة80 من النظام الأساسي، فلو رجعنا إلى الإطار العام الذي ينظم العقوبات بشكل عام هو قانون الجزاء العماني الذي يعد بدوره الأساس للقواعد العامة للتجريم، ويجب على القوانين التي تتطرق في نصوصها إلى شق جزائي أن تراعي المعاير التي وضعها قانون الجزاء، فيلاحظ على المادة 61 أنها افترضت الصفة الجرمية في صاحب الموقع أو المشرف عليه، وافتراض الصفة ألجرميه للشخص بصفته يخل بمبدأ شخصية العقوبة المكرس في النظام الأساسي في المادة21التي تنص على أن العقوبة شخصية، أي أن لا يعاقب إلا مرتكب الفعل فقط. وبمعنى أخر أن الجريمة عبارة عن أركان إذا قام شخص ما بفعل هذه الأركان كاملة يعد مجرم ويعاقب، أما في حالة قانون الاتصالات فهذه العقوبة لم تأتي على شكل أركان إنما حددت أناس بصفتهم أو بعملهم، مثل ذكرها صاحب موقع أو مدير أو مشرف، مثال توضيحي –خارج إطار القانون- مثل أن يقول القانون إذا ارتكب هذه الأفعال فلان يعاقب بالعقوبة كذا وإذا أرتكبها فلان يعاقب بكذا وهنا تحديدا نخرج عن إطار شخصية العقوبة
2- الركن المادي:- لقيام أي جريمة كانت لا بد من توافر جميع الأركان سواء نص القانون أم الركن المعنوي أو الركن المادي، هذا ويعلم الجميع أن الكلام المكتوب سواء بين طياته ذم أو قدح لأي شخص قانونا لا يعد جريمة، إلا إذا تم نشر هذه المادة، بمعنى أن الركن المادي لجريمة الإهانة هو النشر(العلانية) فقبل تجريم أصحاب المنتديات لا بد أولا أن نعرف من الناشر فعليا ومن قام بالركن المادي المتمثل بالنشر هل هو صاحب الموقع أم أن الكاتب هو الذي نشر ولكم مثال يبين الحالين، إذا قام شخص ما وجعل أمام بيته سبورة وأتى جارة وكتب في السبورة كلام شائن لجارهم الثالث، هنا من قام بالنشر هل الذي وفر الصبورة أمام بيته أم أنه الجار الذي مسك الطبشور وكتب، وكذا الحال بالنسبة للمنتديات مثل السبورة تماما
3- مسائل تنظيمية:- يلاحظ على المادة أنها لا ترعي مالكي المواقع إطلاقا، لسبب معين ألا وهو أنها تعامل مالك الموقع الشريف كمالك الموقع المنحط، فلو فرضنا أن منتدى منذ تأسيسه يسعى لنشر الرذيلة والتشهير بخصوصيات الناس يحاكم أيضا طبق المادة 61 من ذات القانون، وكذا الحال بالنسبة للكاتب الذي كتب مئات المقالات الموضوعية وزل في مقال واحد
أخي القارئ هذه الملاحظات كتبت بشكل سريع، وللموضع تتمة أوسع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-حسب علمي أن قانون المطبوعات والنشر العماني لم يطبق أمام المحاكم إلا أني قبل فترة بسيطة قراءة من إحدى المنتديات أن هذا القانون طبق على حالة من أدعى النبوه في أحد ولايات السلطنة

هناك 5 تعليقات:

  1. يعقوب الحارثي

    لم أصل إلى هذا المكان لأعلق على مقالك أو أنقده فلم أكن يوما من النقاد ..

    ولكن جأت هنا لأسطر لك إعجابي بما وصلت إليه أيها الصديق ..

    أعجبني كلامك هنا ( لم يعرف إلا الهروب من المدرسة، ومشاجرة أساتذته آنذاك، كما أنه لم ينسى أرصفة بلدته وجلوسه في العريش المقابل لكتيبة الصحراء العسكرية ) وأقولك لك الآن إنك على الخط المستقيم فصل الطريق بالطريق حتى يكون لك كل شيء مستقيم .

    كل الشكر على بناء هذه المدونه .

    وفقك ربي .

    أبو هيثم ( مسقط / الخوير )

    ردحذف
  2. أخي أبو هيثم أسعدني مرورك وأزعجني عزوفك عن النقد فأنا في أمس الحاجة له، ما أعجبك اقتطعت منه الكثير فالذاكرة لا زالت مليئة بالتفاصيل التي لا تحلو إلا قرب " حمار الظهيرة" وأعتلى صهوة
    ( التيوته 92) لغايات يعلمها الله

    ردحذف
  3. يعقوب ..

    مباركٌ لك هذا المنبر، نجم جميل في سماء التدوين العماني، أهلاً بك ..

    المادة هذه قضت مضجعي لبرهة من الزمن، ولكني لا أظن ان لها مسوغاً آخر غير محاربة الكلمة .. فهي من الواضح أنها تخلط الحابل بالنابل من عدة زوايا، وتحمل صاحب الموقع مسئولية جسيمة أكثر مما يطيق.

    دمت بخير أخي الحبيب ..

    ردحذف
  4. أخي fashkool أسعدني مرورك الكريم وفعلا هي كذلك، فلحد الآن ذكرت فقط بعض الجوانب ناهيك عن مبدأ المساواة أمام القانون، ومزاجية العقوبة
    دمت بود

    ردحذف