13‏/04‏/2012

ين الإغماء والإفاقة


نشر في صحيفة الرؤية بتاريخ 8\4\2012م

عندما يحاول  الدكتور تثقيف عامة الناس بالنواحي القانونية فإنه يصاب "بإغماء أو صدمة" على حد تعبيره، ولكنه تناسى الإغماء والصدمة الصحفية التي نشرتها صحيفة الخليج الإماراتية في عددها (11989) الصادر بتاريخ16\3\2012م والمتضمن تصريحات صاحب العبارة أعلاه الدكتور يعقوب بن محمد السعيدي رئيس المكتب الفني بالمحكمة العليا.
أتت تصريحات الدكتور في الصحيفة على جزئين الجزء الأول تعلق بعنوان عريض أسماه (قاضي المستقبل) - وخصص له عدد غير المذكور أعلاه -  ساق فيه العديد من المناقب التي يتمتع بها القضاء، محاولا جرجرت المحاورإلى المناقب التي أراد بيانها وإشهارها، ونوافقه على ذلك، ولكن عندما أتى الجزء الثاني من التصريحات والذي تناول مجمله واقع المحاماة ورسالتها بشكل عام، والمحامي العماني بشكل خاص، فإن الآية إنقلبت وضاعت المنقبة في الجزء الثاني في حين أنّها برزت في الجزء الأول، وجرجر المحاور للإساءة ولاسيما عندما ألقى سؤاله بهذه الصيغة "في ظل وجود بعض المحامين المتلاعبين" وكأن قلب الدكتور محملا بما لا يحتمل، فلم تكفه الصحافة العمانية إنما ذهب لخارجها ليسوق لهم أن هذا محامي عمان، ناهيك عن الدور الذي يقوم به المحامي للشركات الأجنبية التي ترغب في الاستثمار.
برز في الحوار أسلوب الأكثرية وليس القلة، بل تجاوز ذلك بعبارة المحامين دون أن يسبقها قله أو حالة فردية، والحق يقال أن هذه الآراء مجرد تكهنات دارت في مخيلته ولربما تكون حالة فردية أراد بها التعميم، مع أن علم القياس يقوم على الكم أيضا، وكان ينبغي عليه أن يصرح بناء على حقائق وأرقام ودراسات أكاديمية علمية خاصة وأنه من حملة الدكتوراة الذين يفترض فيهم الأمانة العلمية ودقة المعلومات، هذا من الناحية العلمية التي يحظى بها، أما وصفه المحامين بصفة مطلقة لا يحدها حرف بالأغبياء وهو رئيس المكتب الفني بالمحكمة العليا فإنه أمر مدعاة للغرابة والتعجب المطلق إذ لا يليق أن تصدر منه هذه العبارات وهو من أسمى مهامه الوظيفية تصنيف الأحكام والمبادئ والإشراف على المجلة القضائية التي تأتي نتائج أبحاثها بناء على قراءة علمية واقعية وتحليلية وليست ضربا من ضروب الهواء.
يدّعي الدكتور أن رجال القانون أجمعوا ووافقهم الرأي بقوله "أن أكثر المحامين غير أوفياء لموكليهم وغير مخلصين" ولا أدري حتى هذه اللحظة من هؤلاء الرجال الذين يقصدهم الدكتور، ولا أدري في أي الأرفف مؤلفاتهم العلمية إن لم تكن أدمغتهم أيضا، ناهي نفسي والقارئ عن العديد من الآراء التي نتمنى من الدكتور أن يتراجع عنها ويعود إلى آخر دعوة قالها وهي احترام القانون، وهذا الاخير يتطلب احترام المصداقية وبث الحقائق دون غلو، خاصة وأن صفته الوظيفية أو القضائية برزت في مجمل الحوار، فإن كان هذا رأي شخصي منه وهو يعد العدة لمحكمة دستورية فتلك مصيبه، وإن كان يمثل جهة عمله فيجب على هذه الجهة أن تتقدم ببيان أو إعتذار للمحامين من مثل هذه التصريحات أو إدراج الدراسات المحكمة التي أوصلتهم إلى هذه النتاج التي أدلى بها رئيس مكتبهم الفني.
 يعقوب بن محمد الحارثي

09‏/04‏/2012

لا جدوى من النص لم يحمه نص آخر



لا جدوى من النص إن لم يحمه نص آخر

نشر ضمن تحقيق أجرته الكاتبة والصحفية هدى حمد في ملحق شرفات، جريدة عمان بتاريخ 3/4/2012م، 

قبل الخوض في تفاصيل قانون المطبوعات والنشر لابد من الاشارة الى بعض النقاط المهمة والتي يتجلى ابرزها في أن القانون يطبق على الجميع، وبعض هذه القوانين بها عقوبات حبسيه بحق الافراد  ولابد ان تكون العقوبة مرتبطة ارتباطا مباشرا بعلم الأجرام والعقاب الذي يأتي عادة نتيجة دراسات متخصصة في مجالات متعددة هدفها تحقيق العدالة وتوازن المجتمع وصيانة حقوقه وحرياته على اقل تقدير، علاوة على ذلك لابد من رسوخ هذه القوانين ورصانة ودراية بصياغتها، وما كان يعتور الصناعة التشريعية في السابق إخفاء مسودات او مقترحات القوانين وكأنها تمس كيان الدولة إن اشهر عنها وللأسف ذات المشهد يتكرر الان امام مجلس الشورى والدولة في الوقت الذي تسعى فيه اغلب دول العالم او الجهات المناطة بالتشريع تقوم بإدراج مسودات القوانين في مواقعها الالكترونية وإنشاء خاصية التعليق على كل مادة او نص قانوني يتضمنه المشروع وذلك ليقى القانون أكبر شرعية له.
 لا يوجد أدنى مانع ادبي او قانوني من نشر المسودات وتعديل قانون المطبوعات والنشر الحالي ليس ببعيد عن هذا الإخفاء بل أن السؤال يكمن من في اللجنة التي صاغت هذه المسودات وهل من بينهم صحفيين ورؤساء تحرير.
أول تعديل:
أهم تعديل يجب أن يطاله هذا القانون المقترح هو آخر تعديل لحق به عام ٢٠١١م وذلك بسبب تدخله في النشر الالكتروني الذي اكد القضاء في العديد من أحكامه والقوانين الناظمة لنشر او جرائم التقنية ان لا مجال لقانون المطبوعات والنشر في النشر الالكتروني ،ناهيك عن الشبهات الدستورية والتوسع في التجريم.
الحقوق وآلية إحترامها          
يجب ان يكرس القانون المقترح ابسط حقوق الصحفي وهي –على سبيل المثال- حق عدم حبس الصحفي بسبب مهنته او في فترة التحقيق وحق  الحصول على المعلومة، تكريس النقد وصيانته وحق الطعن في اعمال الموظف العام او المكلفون بأعمال شبيه بالأعمال العامة، عدم إفشاء مصدر المعلومة، حق الحضور في الاجتماعات العامة والخاصة وتغطيتها وليس المهم تكريس هذه النصوص بقدر بيان الأثر المترتب على مخالفتها بمعنى لابد من ضمانة نفاذ هذه الحقوق واحترامها ومعاقبة كل من يحاول عرقلتها لأن النص على الحق لا جدوى منه إن لم يحمه نص آخر
مسؤولية رئيس التحرير
أساس مسؤولية رئيس التحرير يجب فصلها كليا عن مسؤولية الكاتب او مالك الصحيفة وبيان وتحديد مسؤولية رئيس التحرير وتأطير صفته الجرمية سواء أكان فاعل اصلي او متدخل في الجرم آية ذلك انه ليس من الإنصاف في شيء ان يعاقب الكاتب الذي صنع المقال المخالف بذات عقوبة رئيس التحرير الذي قد يكون غير مطلع من الأساس على المقال او المادة المخالفة.
الاصل في الانسان قرينة البراءة الان ان بعض القوانين قلبت هذا المفهوم بقرينة الإدانة كما هو الحال سابقا في مصر، وحاليا في الأردن، فلا يجوز مطلقا ا/ط/لاق نصوص تسأل رئيس التحرير عن جرم لا يعلم، خاصة وأن الجرائم التي يمكن إرتكابها عن طريق الصحافة متعدد بتعدد العقوبة المقررة لكل جريمة.

العقوبة التبعية/ غلق الصحيفة
تعد عقوبة غلق المحل بشكل عام عقوبة تبعية وليست أصلية، وإعطاء القضاء حق غلق الصحيفة يعد توسع في التجريم ومخل بمبدأ شخصية العقوبة المنصوص عليه في النظام الأساسي، آية ذلك أن العبرة من غلق المحل معاقبة الفاعل الاصلي وعادة قوانين المطبوعات تعاقب رئيس التحرير والكاتب وهؤلاء ليسوا ملاك للصحيفة ولا يجوز أن يصرف فعلهم على مالك الصحيفة.
مصادرة الكتب والمطبوعات
أعطى قانون المطبوعات والنشر الحالي لوزير الاعلام منع المطبوعات من التداول أو البيع، إلا أنه لم ينظم ولم يحدد آلية المنع، والطرق التي يصدر بها، وهذا بحد ذاته يفوت على المتضررين بعض الحقوق وأبرزها حق مخاصمة قرار المنع، حيث أنه يجب أن يشمل التعديل آلية محدد وواضحه للمصادرة، وأن يكون أمر المصادرة أو المنع من التداول بموجب قرار مكتبوب ومسبب، ويسلم نسخة منه للناشر والمؤلف والموزع، وذلك لضمان حقهم في مخاصمة القرار، والجدير بالذكر أن بعض الدول إشترطت نشر قرار المنع في الجريدة الرسمية (مثل قانون المطبوعات الاماراتي)