31‏/10‏/2009

الحياد في حرية الرأي ليس مطلب

حاولت بعض القوانين الصحفية في بعض الدول العربية أن تنص صراحة على مبدأ الحياد في الطرح الصحفي، -وكذا الحال بالنسبة للبعض الذين يقبحون الوجه الإعلامي بحجة بعده عن الحياد- إلا أن هذه النصوص والمطالب سواء ما تعلق منها بالصحافة الورقية أم الصحافة الالكترونية (المدونات المنتديات الخ) لا وجود لها في الواقع العملي ولا علاقة لها بحرية الرأي لا من بعيد ولا من قريب، فعادة يكون الحياد للقاضي الذي يحاول أن يقضي بين أثنين متنافرين، إذ لا يستطيع القاضي أن يلزم أحد الأطراف بالحياد في طرح دعواه لأن مثل هذا الطرح يجب أن يكون منحاز لصالح هذا الطرف، فمن يلتزم بالحياد هنا هو الحكم وليس الأطراف المتخاصمين، وعلى هذا نستطيع القياس على الصحافة فلا يعقل أن نطالب صحفي بالحياد لأن الصحفي ليس وظيفته فقط نقل المعلومة بقدر ما يفند ويحلل ويصنف هذه المعلومة- ناهيك عن المقال السياسي أو الأدبي الصرف- حسب توجهاته السياسية أو الدينية أو الرياضية إذا لا بد، إنما نطالبه بالمصداقية و حسن النية في الطرح وعدم التعرض للآخرين، بالتالي فأن المهنية الصحفية تحتم على هذا الصحفي الانحياز لتوجهاته أو لتوجهات الصحيفة خاصة في الصحف الحزبية أو الصحف التي تتخذ لونا أدبيا واحد فلا ضير في أن يبتعد الصحفي أو الكاتب عن الحياد الذي هو أصلا ليس من اختصاصه، فكذا الحال بالنسبة للصحافة أو الإعلام الحكومي فلا بأس من انحيازه المفرط للحومة وتمجيدها لأنه من الأساس خلق لهذا الغرض فكل أحد في هذه الطبيعة ينحاز للأيديولوجية التي ينبع منها أو يتبناها أو التي يعمل لصالحها، فمن ضمن الأمثلة التي نسوقها في هذا المقال أن قناة الجزيرة ليست حيادية في طرحها عن بعض الانتهاكات التي تحث، بمعنى أدق أنها تنحاز لصف دون أخر وهذا برأيي هو النهج الصحيح، فلا يجوز لنا كقراء أن نصف بأن هم هذا الكاتب نقد وزارة ما أو انحيازه لفريقه الرياضي الوطني، هذا والحياد في المجال الإعلامي عبارة لا تجد مكانها في التطبيق بسبب الصنعة الإعلامية ذاتها، فالذي ينبغي علينا كقراء أن نحترم فكرة الانحياز لا أن نكبلها بحجة المخالفة أو عدم تلميع صورة الأخر

28‏/10‏/2009

الضفدع والعمال


"والليل عديم الطعم بدون هموم" هكذا ظل الضفدع القروي يضرب بأفكاره الليلية ذات اليمين والشمال، خاصة يوم الأربعاء وهو مستلق على ذاك ( الدّعن)، فكر مليا في زميلة السنور الأحمر الذي يركن سيارته اللكزس البيضاء في مواقف الكلية، تذكر أن السنور الأحمر أشترى دشداشته الزرقاء ذات الماركة الألمانية من إحدى محلات الخياطة باهظة الثمن.
أبيه وأبو السنور الأحمر كلاهما يعمل في ذات المجال الزراعي ليس إلا، صحيح أن النوم في (الدعن) يلهم في رأسك من الأفكار التي لها مردود مالي أكثر مما تمنه الشركات لخريج هذه الكلية.
مكتب العقارات يملك محل في إحدى القرى، وهذا المحل أجر لعشرين شخص ونيف، قرر الضفدع هو وصديقة السنور الأحمر الذهاب لصاحب المكتب وفعلا تم إلايجار بسعر بخس لأسباب إنسانية تتعلق بوضع الضفدع المالي، أتجه برفقة الباكستاني المحنك بعد أن أنها إجراءات فتح مؤسسه ضفادع المستنقع الحديث، وبحركاتٍ تقنية أستطاع الاتجار بثلاثة عمال، بعد تسريحهم في شتاء بقاع عمان.


تحقق الحلم وأصبح للسنور والضفدع موقفين أمام الكلية، لسيارتين ذات اللون والخاصرة

26‏/10‏/2009

الغباء- التعليم- الخوف

طالما رافق العرب في عقودهم الأخيرة أنهم شعب مهمش لا ينتج إنما يستقبل أكثر مما قسم الله له، ضف إلى ذلك أن ترتيب الجامعات الأكاديمية المتميزة لم يدرج في طياته ولا أسم جامعة عربية، ويتحجج القائمون على هذه الجامعات العربية أن المواصفات التي تعتمدها المنظمات الدولية هي مواصفات شكلية بإمتياز هذا ردهم والله أعلم.
الغباء هو ما يخشاه الآباء على أبنائهم مع أنه في السابق كان المعلم هو من يخشى هذا الجانب عندما يلاحظ أن أحد تلاميذه غبي، قرأت هذا الصباح مقالا للكاتب الأردني راكان المجالي بعنوان "ببساطة" وتسأل في مقالة لماذا لم تحض أحد النساء العربيات بالشهرة التي نالتها (ايفا بيرون) معبودة الشعب الأرجنتيني على حد تعبيره، ويحلل في مقاله "ببساطة" أن الشعب العربي مغرم ببعض الرموز القادمة من امريكا اللاتينية مثل جيفارا لسبب بسيط وهو أن سكان القارة الايبيرية قدموا من الأندلس وتشربوا من الثقافة العربية وحضارتها الإسلامية، ليس هذا الملفت في المقال ولا غيره، إنما الملفت أنه ضرب حكاية يرويها عن البابا شنودة وقبل أن أحكي هذه القصة حكاها لي أبي عندما كنت طفلا (ولا زلت) قبل 20 عام تقريبا، تلامس هذه القصة التي تأتي تباعا حال معانة المدرس الآن في عمان وخوفه من جرجرته في مراكز الشرطة وتحقيقات الادعاء العام، لأنه ببساطة مفرطة عندما يضرب المدرس – وهذا ما حث فعلا – طالبا يسعى الأب بشكل جنوني مفرط إلى أقرب مركز شرطة ليس بسبب ضرب أبنه إنما لأجل حفنة المال التي سيلاقيها في حال تنازله عن القضية، وهذا الغباء برجله وعيونه.
الحكاية نقلا من المجالي " كان احد الآباء معتزا بولده الذي رسب في المدرسة فجن جنون الاب الذي ذهب للادارة هائجا ومعاتبا فقالوا له ان الاستاذ «فلان» هو الذي رسّب ابنه ، فانطلق نحو الاستاذ «فلان» صارخا «لماذا رسّبت ابني» فرد عليه الاستاذ: لانه غبي ، فسأله الاب: وكيف ذلك؟ فقال له الاستاذ: سترى بنفسك ، واستدعى الطالب فبادره الاستاذ بطلب وهو: اذهب الى الصف الرابع الف واحضرني من هناك ، فانطلق الطالب نحو الصف الرابع الف وحدق طويلا وعاد قائلا: لم اجدك يا استاذ في الصف الرابع الف ، فنهره والده قائلا: ولكن لماذا لم تبحث عنه في الصف الرابع باء ما دمت لم تجده في الرابع الف"
هي ذات القصة التي سمعتها من أبي إلا أن الفارق غير الجوهري أن المدرس أمر الطالب بأن يذهب لسؤال عنه في بيته ولكن الأب غضب على أبنه وقال له ( صح أنك غبي العالم تطور أتصل ببيت الأستاذ عن تتعب عمرك في الروحة والجية) وهذا هو الحال

إهانة وقدح الموظف العام قانونا

طالما سمعنا عن دولة المؤسسات ودولة القانون التي تعد بدورها من الدول الديمقراطية، وبما أنا نسمع ونتغنى بهذه المقولة في وطننا الغالي فلا بد لنا من المكوث عند هذه العبارة لا أن نتمسك بتلابيبها ونترك جوهر تطبيقها، فلها أبعاد فلسفية وأبعاد واقعية وما يهم في هذا الصدد الواقع العملي أو التطبيقي لمبدأ سيادة القانون الذي يرتبط ارتباطا كليا بفكرة دولة المؤسسات.
حظي الإنسان على مرة الأزمنة برعاية خاصة من لدن أولي الأمر أو الحكومات أو التشريعات في الوقت الحالي، فكل القوانين الجزائية تسعى إلى حماية خصوصية البشر من النشر، كما تكفل حقوقهم في المحافظة على دم كرامتهم بعيدا عن أيدي المتطاولين، لهذا عرف القانون جرائم العلانية بشتاء أنواعها سواء سميت قدح أم ذم أو إهانة.
كُرم الموظف في الحكومة بامتيازات لا يحظى بها العامل في القطاع الخاص، بالإضافة إلى هذه الامتيازات حظيت الوظيفة العامة بنصوص تجرم كل من يحاول التطاول على الموظف أو الهيئات الحكومية بنصوص خاصة أغلبها في قانون الجزاء العماني، ومن ضمن هذه النصوص المادة 173 التي تعاقب بالحبس كل من يهين موظف أثناء قيامة بوظيفته، وهذا ما سنأتي له تفصيلا.
العلاقة بين الموظف والحكومة ليس علاقة عقدية كما هو الحال في عقود العمل في القطاع الخاص، إنما هي علاقة تنظيمية بإمتياز، ومرد هذه العلاقة أن الموظف لا يخدم في الحكومة رب العمل إنما ينفذ قوانين الدولة التي ينصب مجملها لحماية المواطن وتنمية الوطن، فمن هذا المنطلق نستطيع القول أن الموظف خلق لتنفيذ القانون والسهر لحماية المصالح العامة والخاصة للمواطنين وأقليم الدولة، فإذا فسد هذا الموظف فإننا سنكون أمام عوائق عدة أولها فساد المجتمع والترهل الإداري وتفشي الرشاوي ..الخ.
يرى البعض أن الحرية في نقد أو إهانة الموظف يجب أن تكون في الخفاء بمعنى أن نوجه هذا الاستياء إلى الجهة أو رئيس هذا الموظف، بدلا من الزج بها في ردهات الإعلام بشتى أطيافه، وهذا القول مردود في الوظيفة العامة إنما يصلح لشركات أو القطاع الخاص لأن الخدمة التي تسعى من وراءها الإدارة (الوزارات أو الهيئات الحكومية) تختلف من حيث الجوهر عن الخدمة التي تقدمها الشركات بالقطاع الخاص هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى فإن تبليغ الرئيس عن تصرفات من هو تحت أمرته لا يحقق المنفعة المرجو من نزاهة الموظف وتهذيبه لعدة أسباب أولها أن الجميع لا يخدم جهة خاصة حتى يواظب على حسن أداء المرفق الذي يعمل فيه، أما الأمر الثاني فالقطاع الخاص المصلحة تكون لتحقيق الربح وهذا الأخير بخلاف ما هو في الوظيفة العامة، بالتالي يصبح الهدف من النشر هو المصلحة العامة للمرفق العام ذاته أما الهدف الأخر فتتجلى صورة في الردع ليس إلا.
يلاحظ أن بعض القانونيين يخلط بين مصطلح النقد الذي هو أصل عام للتعبير عن الرأي مكفول بموجب النظام الأساسي، وبين حق إهانة الموظف العام (أو الطعن في أعمال الموظف) الذي يجد سنده القانوني في المادة 173 من قانون الجزاء العماني، فالأصل أن الإهانة سواء وقعت على موظف أو غير موظف يكون الفعل معاقب علية ومجرم، ولكن في حالة استطاع المؤلف أو الناشر إثبات ما نشره وكان حسن النية ويهدف من خلال ما كتب حث السلطات العامة لمعاقبة الموظفين المخالفين فيعفى من العقاب، الجدير بالذكر أن المشرع العماني لم يأتي بشروط تشددية كما فعلت بعض التشريعات العربية إنما قيد إهانة الموظف بثلاث شروط أولها أن الفعل الذي قام به الموظف وتطرق له الناشر فعل يعاقب عليه الموظف، أو أن فعلة يؤذي سمعته وسمعة الوظيفة وهذا الشق الأخير تزيد فيه المشرع العماني، أما الشرط الثاني أن يكون فعل الموظف أو تصرفاتة لها علاقة مباشرة بوظيفتة، وأخر هذا الشروط أن يقوم الناشر أو الكاتب بإثبات ما نشرة من وقائع مصحوبا بحسن نيته التي يسعى من خلال نشرة حث السلطات على معاقبة الموظف أو تصويب وضعة إلى ما هو في خدمة المصلحة العامة وصون الوظيفة العامة.
لم تعتني الصحافة في عمان بهذا الجانب القانوني الذي يجعل من الصحافة أو الإعلام بشكل عام سلطة رقابية على تصرفات موظفي الحكومة بجانب السلطات الرقابية الإدارية ذاتها، ضف على ذلك أن التطبيقات القضائية لم تنظر أمامها مثل هذه الحالات إلا حالة واحدة حدث في إحدى قضايا سبلة العرب سابقا، هذا ونأمل من وسائل الإعلام حث الخطى إلى تفعيل سلطتها الرقابية
نشر هذا المقال في جريدة الزمن 6 سبتمبر 2009م