15‏/06‏/2009

أكرموا إبراهيم بعد موته


نفدت مبالغه التي يدخرها لشراء الجرائد وأجرة النقل إلى محافظة مسقط، ظن لحظتها أن هذه المبالغ بالرغم من قلتها ستعود له بعد إجراء عدة مقابلات مع رسميو الوزارات إلا أن بشاشته ودماثة خلقه لم تسعفه لأي وظيفة حكومية، وكحال الكثير من الباحثين عن لقمة العيش التي لا غنى ولا راد عنها استدان ليأخذ سيارة (تكسي) ويعمل بها، رضي بالقدر ولم يعانده ولم يفكر في معاتبة أي من الوزارات التي لم تكرمه بوظيفة.

أعرف يا صديقي إبراهيم أنه لم يخطر ببالك أن هذا الشّح في الكرم – هذا إذا كان كرم- سيلاحقك جسدك بعدما فارقته روحك النقية، لم تنبس ببنت شفه وأنت معنا فهل ستشتكي من مضجعك وأنت في القبر على وزارة الصحة بسبب تجاهلها لأبسط حقوق الميت، وهل ينتظر إداريين مستشفى إبرا أن تخرج من قبرك حتى تعاتبهم على ما فعلوه بك، نعم يا وزارة الصحة عندما تحدث البعض عن الأخطاء الطبية رددتم بصعوبة ودقة الطب، أما الجانب الإداري فما هو ردكم، أيعقل أن سيارة الإسعاف المختصة بنقل الموتى تلحق إداريا بالبلديات وكأن الموتى حالهم مثل النفايات أو أنابيب الصرف الصحي كي ترعاهم البلدية، وهل البلديات خاصة في الولايات البعيدة عن مسقط توفر هذه السيارات حتى يوم الجمعة اليوم الذي فارقنا فيه إبراهيم، لماذا لا تسعى وزارتكم إلى توفير سيارة واحدة فقط لنقل الموتى في المستشفيات المركزية ولا سيما مستشفى إبراء الذي يخدم منطقة شمال الشرقية، أصبحنا في كل مرة يفارقنا الأعزاء الحياة نتجه لنحضر أي سيارة سواء أكانت ملائمة أم لا، لنقل موتانا من المستشفى إلى القبر، هذا ما حدث فعلا لإبراهيم عندما قرر المسؤولين أن سيارات الإسعاف الثلاث لا يجوز نقل الموتى بهن فيجب علينا أن ننتظر حتى بزوغ الشمس لتكرمنا البلدية بسيارة، أيعقل أن نلتف جميعا بصدمتنا وحزننا وننتظر بدء الدوام الرسمي كي تأتي السيارة التي تخصصها البلدية لنقل فقيدنا وطول تلك الفترة ننتظر ليس إلا
ما يضير إذا نقلت سيارة الجنازة إلى المستشفيات الرئيسية هل هذا التصرف يعد إخلال بالخطط التي ترسمها وزارة الصحة أم أن ما تراه وزارة الصحية غير ذلك، المصابون في الحوادث أو المرضى الذين تفارقهم الروح لا تفارقهم أمام دوائر البلديات بل في غرف العمليات بالمستشفيات فلماذا ننتظر من وزارة أخرى أن تختص بالنقل والإمكانيات متاحة أمام وزارة الصحة على مصراعيها، هذا هو الحال يا إبراهيم فلا تكترث به في منامك فقط نم بسلام فعسى أن تجد أجساد الموتى القادمون سيارة – من وزارة الصحة- مهيأة لنقل الموتى بدلا من التهور والانتظار
يعقوب بن محمد الحارثي