11‏/11‏/2011

بين التخبط وغياب الشرعية

أصبحت السلطة التشريعية في جميع دول العالم محل إهتمام المشرع الدستوري الذي حدد شروط وآلية سن القوانين ، بدءًا من اقتراحها وصولا لإصدارها وتطبيقها على الكافة، بالتالي تكون جميع القوانين التي يصدرها المشرع يفترض فيها الرصانة ومواكبة ما يقبله المجتمع وما يستهجنه ؛وذلك وصولا لدورها الطبيعي والعلمي الذي خلقت من أجله، فعلى المشرع أن يسن القوانين وفق منهجية تعالج كافة الجوانب سواء الاجتماعية منها أو الثقافية أو الاقتصادية أو النفسية في ما يتعلق بمجال علم الإجرام، من هنا تحديدا تستمد القوانين شرعيتها واحترامها لدى كافة أفراد المجتمع، فإذا أخفق المشرع في مواكبة المجتمع وتطلعاته المدروسه من كل النواحي فإنه بلا شك سيُفقد القانون سيادته وشرعيته.
عندما تحدد الدساتير مراحل سن القوانين فإنها تحاول بذلك خلق قانون يصمد لسنوات عدة دون أن تعتوره المثالب وهذه غاية كل مشرع، فإن غابت مراحل سن القانون سيزداد التسرع والتخبط التشريعي الذي يفقد القانون شرعيته و تتجلى الصور الأخيرة عندما يصدر قانون ويعدل قبل أن يمر عليه شهر أو شهرين، أو لم ينظر أمام المحاكم
فهنا عنصر العمومية والتجريد يتلاشى أمام المواطن المعني بتطبيق القانون ويفقد سمة الرسوخ في الأذهان والاحترام أيضا.
بعد الصحوة التي شهدها المجتمع والمطالب المشروعة التي صاحبتها، ذكرت الصحف أن وزارة الإعلام والشؤون القانونية قامت برفع مقترح تعديل قانون المطبوعات والنشر في العديد من مواده التي تربو على عشرين مادة، وذلك لتواكب العمل الإعلامي والصحفي وتطلعاته هذا من جهة ، ووجود لجنة قائمة لمعالجة أو صياغة قانون جديد لقانون الجزاء من جهة اخرى، إلا أن المخيب لبريق الأمل أن يأتى تعديل قانون المطبوعات في مادة يتيمة لا تعالج العمل الصحفي إنما لتوسع الإطار الجرمي و تعالج الشبكة المعلوماتية التي من الأساس سن لها قانون آخر وهو قانون جرائم تقنية المعلومات ناهيك عن قانون الاتصالات.
لم ينظم النظام الاساسي للدولة شكلية معينة لاقتراح وسن القوانين، إلا أن العرف الدستوري –إن جاز الوصف- استقر على مراحل عديدة أبرزها اقتراح الوزارة المعنية للقانون ومن ثم إعادة صياغته لدى وزارة الشوون القانونية ، وأخيراً استحدث تمريره لمجلس الدولة والشورى، وبالرغم أن هذه المراحل غير ملزمة إلا أنها على أقل تقدير تعطي قدر لا بأس به من تبادل الآراء وإن كان داخل الإطار الحكومي، إلا أن الغريب في الأمر أن ترفع من مجلس الوزراء توصية بتعديل عشرين مادة ولا يأتي منها إلا مادة يتيمة ليس ذلك فقط إنما حتى بعض الوزارات المعنية لا تدري أصلا من أين أتى هذا التعديل، هذا الأمر بحد ذاته يثير سخط المواطن على القانون الأمر الذي بدوره سيخلق حالة من عدم الاستقرار في المنظومة التشريعية بالتالي يفقد القانون أسمى سماته وهي العمومية والتجريد وإحترام الكافة له وصولا لفقد شرعيته.
الزج بالوسائل الإلكترونية والشبكات داخل إطار قانون المطبوعات يدل على التسرع ؛وذلك لسببين أولهما أن القضاء في العديد من أحكامه قرر أن قانون المطبوعات لا علاقة له بالنشر في الشبكات أو المواقع الالكترونية، وإستجابة لرؤية القضاء قام المشرع وفقا للقنوات العادية التي سبق بيانها بإستحداث قانون جرائم تقنية المعلومات وتعديل قانون الاتصالات فلماذا يفرض على القضاء نصوص سبق ان أدلى برأيه فيها، ولماذا تستحدث مواد لكل حادثة وكأن صفة العمومية التي يتشح بها القانون بدأت تتلاشى أمام الرغبات الفردية للمشرع؟
مجلة الفلق، العدد 19

08‏/10‏/2011

سعادتكم هل ستحترمون آرائكم وتنسحبون؟


لم يهدأ الشارع حتى هذه اللحظة، ولم تستكين الهواتف فإبن، وأخ، وعم، المترشح لا يكف عن نقر الأزرار إلا بعد إبلاغه بقيامك بتحديث بيانات بطاقتك الشخصية، أما على الاطار العلني فأرصفة الطرقات ملئت بصور المترشح وسيرته الذاتية، وكذا الحال في الاعلام الالكتروني الذي وفر ويوفر أيسر الطرق للإعلان عن المترشح من جهة، وتحليل مجلس الشورى ودورة المرتقب من جهات أخرى.
 هكذا يتجلى المشهد العماني هذه الايام، وهكذا تَطرح جميع شرائح المجتمع موضوع الانتخابات، وذلك كله بخلاف جميع السنوات الماضية، وصل الأمر إلى تسهيل طرق الاعلان عن المترشح وسلاسة وصول برنامجه الانتخابي (المستحدث) عن طريق الشبكة، وإشتد وطيس المنافسة بين المترشحين حتى وصل الأمر ببعض المترشحين أو أعوانهم  بتليقف بعض الرسائل النصية وكانها نشرت من قبل بعض المترشحين (المطاوعة) وذلك وفق عبارة أن ترشيح فلان من الناس يندرج تحت الواجب الشرعي الذي لا مناص من مخالفته، وهذا الآخير بالامكان إدراجة تحت باب المنافسة غير المشروعة.
ديناميكية المشهد لم تأتي من فراغ إنما لأسباب عديدة رابضه، وقائمة، ولعل المحرك الاساسي أو الفرعي لهذا الحراك لم يأتي بناء على تدرج في الوعي أو الحياة البرلمانية لدى كافة الشعب بدليل أن الأعوام السابقة لم تشهد به ولا بأقل منه على أقل تقدير، ومن ابرز المحفزات لهذا الحراك مطالبة الأكثرية بإشراك الشعب في العمل السياسي، حيث تجلت هذه المطالب بعد صدور المرسوم الداعي لتعديل النظام الاساسي ومنح مجلس عمان صلاحيات تشريعية ورقابة، بالتالي يستشف أن هذا الحراك مردة الدور الفعلي الذي سيناط به مجلس عمان.
لاح في الأفق العديد من المترشحين الذين رفضوا سابقا الترشح معللين ذلك بعدم نجاعة الصلاحيات المناطة للمجلس، خاصة بعض المتدينين الذين سارعوا الآن لترشح أو لأقل أنهم رشحوا مرشحهم في مرحلة سابقة على الترشح الرسمي، وهذه بادرة محمودة إن دلت على شيء فإنما تدل على الوعي والتضامن، ولا يستثنى من هذه الفئة التجار والمثقفين، والمتمعن لبرامج واطروحات هذه الفئات سيشعر أنها لم تطفو إلا بعد أن إطمئنت للدور الذي سيحققه المجلس، إلا أن الواقع والحقيقة الجلية بخلاف ذلك فبالرغم من صدور المرسوم رقم(39/2011) ؟؟؟؟ إلا أنه لم يفعل فهنا سنكون أمام أمرين لا مناص منهما، الأمر الأول عدم تعديل النظام الأساسي في السنة الأولى من تشكيل المجلس، وهذا يقودنا أن المرشحين لا يستطيعوا من الأساس ممارسة الدور الذي ترشحو بسببه، ولا تنفيذ برامجهم الانتخابية القائمة من الأساس على أمل التعديل، أما الأمر الثاني أن يأتي التعديل خلال الفترة القادمة وقبل تشكيل المجلس أو في الأشهر الأولى منه، فماذا لو اتى التعديل بعديدا عن رغبات وطموحات الناخب والمترشح، هل سيبقى المترشح مستمرا في الدورة للمجلس أم سيقدم إنسحابة؟ هذا السؤال الذي يجب على كل مترشح مؤمن بالتنعدليلات أن يرد عليه أمام الملاء، فيا سعادة المترشح هل ستنسحب من المجلس إذا لم تتم التعديلات؟ يا سعادة المترشح هل ستنسحب من المجلس إذا لم ترضك التعديلات، في إنتظار أن نرى قرارات شجاعة وصادقة من المترشحين.
نشر في مجلة الفلق بتاريخ 8-10-2011

02‏/09‏/2011

شخصية العقوبة ومساءلة رئيس التحرير

نشر في جريدة الزمن تاريخ 27/8/2011




من أهم المبادئ الأساسية التي كرسها النظام الأساسي للدولة وقانون الجزاء هي شخصية العقوبة والتي تعني أن لا يسأل الشخص إلا عن الأفعال التي أرتكبها بنفسه ليس ذلك فقط إنما يشترط علمه بها، وأي خرق لهذا المبدئ يعد إنتهاكا لحرمة النظام الأساسي للدولة فضلا عن مخالفة قوله عز وجل ((وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)).
جرائم النشر عبر الصحف حالها من حال جرائم العلنية التي عرفها المشرع العماني عبر قانون الجزاء وفقا للمادة 34، ولما كان الركن المادي لهذه الجرائم يتشكل من عنصرين أولهما العبارات المنشورة وثانيها عنصر العلانية فقد أطر المشرع العماني هذه الوسائل وذلك وفقا للمادة 94 من قانون الجزاء التي أعتبرت الناشر والمؤلف فاعليين أصليين للجرم.
حاولت بعض الدول التي ترغب في محاصرة رئيس التحرير بإدراج نصوص في منضومتها القانونية تفترض في رئيس التحرير العلم بكافة ما ينشر داخل الصحيفة التي تتعدى صفحاتها اليومية أربعين صفحة، وسرعان ما تلاشى هذا الانتهاك فأقرب مثال لذلك مملكة البحرين التي كانت تفترض في رئيس التحرير المسؤولية الجزائية إلا أن المشرع البحريني قام بإلغاء هذا النص عام 2007م، وكذا الحال بالنسبة للمحكمة الدستورية بمصر، بالرغم مما تقدم نجد أن المادة42 من قانون المطبوعات نصت على مسؤولية رئيس التحرير ولكنها لم تبين نوع هذه المسؤولية ولم تحدد اذا كانت مدنية أو جزائية بخلاف قوانين الدول أعلاه، في هذه الحالات يعتبر الفقه القانوني أن المسؤولية التي لم يحددها المشرع تقرأ على أنها مدنية، لأن المشرع لو ارادها جزائية لما تردد بالقول، فلا يمكن التوسع في التفسير وفقا للمبادئ التي أستقرت على تضيق النصوص الجزائية لا التوسع في تفسيرها، وبالامكان إعتبارها مسؤولية جزائية في حالة يتيمة واحدة وذلك وفقا للمادة94 من قانون الجزاء، بالتالي يجب على سلطة الاتهام إثبات تدخل رئيس التحرير الفعلي للنشر وموافقته الصريحة للنشر لا الإرتكان على إفتراض العلم وذلك تطبيقا للتفسير السليم للنصوص الجزائية.

28‏/08‏/2011

تعديل النظام الأساسي بين الخفاء والعلن



لطالما نادى العديد من أفراد المجتمع برفع سقف صلاحيات مجلس الشورى المنتخب، وما إن صدر المرسوم السلطاني رقم(39\2011) حتى ابتهجت أسارير شريحة واسعة من أفراد المجتمع، مستبشرين بالدور الذي سيقوم به أعضاء مجلس الشورى، فمنذ صدور دعوة التعديل وقع الأفراد في شِرك قراءة نص المرسوم ولاسيما الشق المتعلق بالفترة الزمنية لتاريخ التعديل وبدلا من بث ونشر المقترحات أصبح النقاش عائم في التواريخ والتلابيب بعيدا عن الجوهر.
في الوقت نفسه تم فتح باب الترشح لعضوية مجلس الشورى دون أن يعلم الناخب ما هي الصلاحيات الدقيقة التي سيمارسها مرشح ولايته في الفترة القادمة، فمعرفة صلاحيات العضو بلا أدنى شك ستؤثر بشكل مباشر في آراء وتوجهات الناخبين، فإذا كانت الصلاحيات كما في السابق فإن النظرة العامة للعضو هو تحسين وضع مالي لا أكثر ناهيك عن جدية رؤية الناخب وتطلعاته إزاء ممثله.
يدور فلك التخمين سواء في العلن أو الخفاء، عن المسؤول عن صياغة النظام الاساسي الذي سيرفل بحلته الجديدة المرتقبة. فمطرقة الإجابة على التخمين تنطلق من المعنيين بالتعديل وخبراتهم وكيفية تعديل شق من النظام الأساسي دون تعارض النصوص بعضها بعضا، الأشد من هذا وذاك أن مجلس الشورى برمته لم يطلب منه أي فرد للمشاركة في الصياغة أو إبداء الرأي، فكيف يطلب منه أن يكون مشرعا ولا يشرك حتى في قلب التعديل!
خفاء تعديل القوانين بشكلٍ عام أصبح سمه من سمات الجهات الحكومية المعنية بالتعديل سواء أكان لدى الوزارة المقترحة أو الوزارة المناط بها الصياغة، حيث تحاول هذه الجهات التكتم على كل مقترح أو تعديل يطرأ على أي قانون، في الوقت نفسه تسعى أغلب الدول(مثل الأردن الكويت البحرين الاإمارات) إلى نشر مقترحات التعديل أو مقترحات القوانين المستحدثة للعلن، ليس ذلك فقط إنما تعمد إلى فتح موقع إلكتروني يستطيع من خلاله أي فرد وفي فترة زمنية معينة أن يعلق على أي مادة أو تعديل مدرج في المقترح.
فلم نر في أي موقع حكومي أو صحيفة يومية أي مسودة أو مقترح لقانون إنما يأتي القانون وينفذ دون أن يكون للشعب أدنى معلومة وكأن المعني بتطبيق القانون ليس هم، وهذا التصرف التكتمي يسبب العديد من الأضرار سواء على صعيد الاستقرار التشريعي أم على معرفة واحترام الأفراد له، آية ذلك أن هم المشرع صمود القانون إلى أطول مدة لا أن يطاله التعديل كل مرة كما هو الحال في العديد من القوانين التي عدلت بعد أشهر من إقرارها وخير شاهد على ذلك قانون الاتصالات وبعض القوانين التي صدرت بعد عام2006م، فمبرر السرية لا يجد البتة أساسا له في القانون، فشرعية نشر المسودة مستمدة من أهم الحقوق التي يعنى بها القانون وهو مخاطبة الكافة دون إستثناء، وإخراجه بأقل المثالب التي تؤهله للبقاء، علاوة على ذلك فإن نشر المسودة يتيح للمتخصصين على كافة الأصعدة إبداء الرأي ورتق القصور قبل مرحلة التنفيذ لا أن يتم تجاهل المختصيين بسبب متعمد أو بسبب جهل الجهات المعنية.
النظام الأساسي هو أسمى القوانين في عُمان بالرغم من المثالب التي تعتوره، حيث ينبغي أن يكون صمام الأمان للدولة بكافة أركانها ومكوناتها والضامن الأساسي لحقوق وحريات الأفراد وواجباتهم أيضا، فهل يعقل أن يتم تعديل دستور الدولة بهذا الشكل السري دون أن نترك للجميع أو حتى للمتخصصين في المجال الدستوري أدنى رأي أو مشورة وكأن التعديل من الركائز التي تمس أمن الدولة، فهل سنبقى في الخفاء أم في العلن في الأيام القادمة..؟
نشر هذا المقال بمجلة الفلق بتاريخ 21/8/2011

07‏/06‏/2011

في ندوة تنشرها شرفات حول الشورى والمشاركة السياسية



أسئلـة المستقـبل تفتح أبـوابـا للحـوار وتـناقش خـارطة الحـياة البرلمانيـة المنتظـرة
أدار الندوة : محمد بن سعيد الحجري
أعدها للنشر: عاصم الشيدي
تصوير :سالم المحاربي
نظم مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية ندوة مصغرة متخصصة حول الشورى والمشاركة السياسية في السلطنة، بهدف استطلاع أراء بعض النخب العمانية حول واقع المشاركة السياسية الحالية، والمستقبلية في ضوء إعطاء مجلس عمان صلاحيات تشريعية ورقابية. وشارك في الندوة مجموعة من الباحثين والخبراء والمثقفين والكتاب. ولما كان أمر الشورى والمشاركة السياسية في قلب المشهد الثقافي خاصة في المرحلة الجديدة التي تمر بها الأمة العربية في ربيعها الجميل فقد رأينا أن نعرض واقع الندوة في ملحق شرفات لتكون متاحة أمام قراء الملحق.
وانطلق النقاش في الندوة من ثلاثة أوراق عمل قدمت في مفتتح الندوة، حيث قدم الباحث أحمد بن علي المخيني ورقة حول العملية الانتخابية باعتبارها القناة الشرعية للتمثيل الشعبي ، كما قدم المحامي سعيد بن سعد الشحري ورقة حول الصلاحيات التشريعية ، بينما قدم المحامي يعقوب بن محمد الحارثي ورقة أخرى حول الصلاحيات الرقابية ، و قد ناقش الحاضرون قضية الشورى و المشاركة السياسية انطلاقاً من هذه الأوراق رغم أن النقاش تطرق إلى جوانب أخرى خاصة في ضوء المرسوم السلطاني39/2011 الذي حدد ملامح المرحلة المقبلة بمنح الصلاحيات التشريعية و الرقابية لمجلس عمان و تعديل النظام الأساسي للدولة بما يتلاءم مع هذه الصلاحيات .
كما استكشفت حوارات الحلقة التجربة البرلمانية والشورية في دول العالم الأخرى، و قضية الفصل بين السلطات و توزيع السلطات بينها ، وآثارها السياسية، وموقع الممارسة الشورية في السلطنة من هذه التجارب العالمية ، كما أتت الندوة على مناقشة أفكار تتعلق بتمثيل الشرائح الاجتماعية المختلفة كالمرأة ومؤسسات المجتمع المدني، و توزيع الصلاحيات التشريعية و الرقابية بين المجالس المنتخبة و المجالس المعينة و إيجابيات و سلبيات كل منهما ، و الفرق بين الرقابة السياسية و الرقابة الجنائية على المسؤولين الحكوميين ، و آليات و أدوات المراقبة السياسية التي تمارسها المجالس البرلمانية .
وقد شارك في مداولات الحلقة عدد من الكتاب و الباحثين و أعضاء مجلس الشورى الحاليين و السابقين منهم سعادة الشيخ مالك بن هلال العبري ، و مبارك الشبلي ، و الدكتور حاتم بن بخيت الشنفري ، و الباحث صالح بن سليم الربخي عضو مجلس إدارة النادي الثقافي ، و الدكتور محمد بن طاهر آل إبراهيم ، و الباحث خميس بن راشد العدوي ، و الكاتبة و الشاعرة عائشة بنت محمد السيفية و الدكتورعبدالرحمن برهام باعمر ، و الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية ، و الباحث صالح بن راشد المعمري ، و الكاتب أحمد بن محمد الغافري، و الباحث خميس بن جمعة البلوشي ، و الكاتب عاصم بن محمد الشيدي ، و الكاتب حاتم آل عبدالسلام ، و قد أدار الجلسة الباحث محمد بن سعيد الحجري من مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية ، و حضرها عدد من المسؤولين بالمركز ، كما تابعها عدد من المهتمين.
في البداية قدم الناشط الحقوقي أحمد بن علي المخيني ورقة بعنوان " العملية الانتخابية"، تناول فيها ثلاثة محاور: البعد الاصطلاحي وبعض المفاهيم المتعلقة بالعملية الانتخابية، وتقويم العملية الانتخابية بالسلطنة، ثم قدم توصيات بهدف الدفع تجاه سلامة العملية الانتخابية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية.
وتحدث المخيني في ورقته عن الفرق بين التقسيم الإداري والتقسيم الانتخابي، كما تحدث عن الصيغة الانتخابية الأنسب في عمان، كما تحدث عن السن الأنسب للمشاركة في الانتخابات مشيرا أن سن 18 عاما هو الأنسب بدل 21، كما تطرقت ورقته إلى المؤهل العلمي للمترشح مفضلا عدم اشتراطه شرطا لقبول المترشح لأنه لا يأخذ به في غالبية دول العالم.
وقدم المحامي سعيد الشحري ورقة بعنوان الصلاحيات التشريعية لمجلس عمان، متحدثا عن صلاحيات مجلس عمان الحالية وصلاحياته التشريعية والرقابية القادمة. وطرحت ورقة الشحري سؤالا بدا مهما حول لمن ستكون الغلبة في مجلس عمان في تمرير القرارات هل لمجلس الدولة المعين أم الشورى المنتخب؟
كما أقترح الشحري أن يكون لكل 30 ألف شخص ممثل في مجلس الشورى حتى يكون هناك ضمان لوجود تمثيل متكافئ.
كما قدم يعقوب بن محمد الحارثي ورقة بعنوان الصلاحيات الرقابية لمجلس عمان " الواقع وضمانة المستقبل" تحدث فيها عن الكثير من المحاور بينها فصل السلطات، إلا أنه أشار إلى أن النظام الأساسي للدولة لم يشر صراحة إلى فصل السلطات، إلا أنه لم يشر أيضا إلى خلاف ذلك. وتحدث الحارثي عن أن الصلاحيات الجديدة لمجلس عمان بإمكانها أن تقلص صلاحيات السلطة التنفيذية مشيرا أن لا بد أن يحدد النظام الأساسي في تعديلاته المرتقبة أن يكون من صلاحيات السلطان حل مجلس عمان متى ما رأى ذلك في صالح البلاد. وتطرقت ورقة الحارثي إلى الكثير من المحاور التي كانت فاتحة نظرية للنقاشات التي شهدتها الندوة.
وبدأ النقاش حول المدخل النظري الذي قدمته أوراق العمل سعادة الشيخ مالك العبري بجملة من التساؤلات كان أبرزها سؤاله حول من يراقب مجلس عمان؟ رائيا أنه يجب إيجاد سلطة رابعة تراقب أداء جميع تحركات الساحة الوطنية.
وبالنسبة للمرسوم السلطاني 39/2011 يقول العبري، كان واضحا أنه يمنح مجلس عمان السلطات التشريعية والرقابية المعروفة في برلمانات العالم، مذكرا بما دار خلال اللقاء الذي تم في حصن الشموخ بين أعضاء مجلس الشورى وصاحب الجلالة السلطان المعظم ، حيث أشار جلالته أنه اطلع على المقترحات التي قدمها مجلس الشورى حول آفاق تطويره، و أن لديه ـ أعزه الله ـ رؤية أوسع منها، و هذا يعطي انطباعا عن أن الصلاحيات المرتقبة ستكون ذات سقف عالي و تكون مع الطموح المأمول من الشعب.
كما تحدث عن ماهية الصلاحيات الرقابية والتشريعية المنتظرة من مجلس عمان قائلاً : " في الحقيقة الصلاحيات التشريعية في المرحلة القادمة من المهم جداً أن تقر من خلاله جميع التشريعات الجديدة ، و أن يكون لديه الصلاحيات في مراجعة القوانين النافذة حاليا، و أن يقترح قوانين جديدة، و هذا موجود في لوائح المجلس حاليا،لكن ليس لدى المجلس السلطة بحيث أن ما يرفعه من توصيات تكون لها قوة نافذة و إرادة قوية لتطبق على أرض الواقع، فالضرائب و الرسوم و الموازنة و الخطط الخمسية كلها بمثابة قوانين، فكل هذه يفترض أن تمر على المجلس من أجل أن يقوم بإقرارها ثم يقوم بعد ذلك باعتمادها من المقام السامي، أما من ناحية الصلاحيات الرقابية طبعا من خلال الدراسة التي قدمها مجلس الشورى إلى جلالة السلطان ، فإنها تتضمن استجواب الوزراء ، و تقديم توصية لجلالة السلطان لسحب الثقة لوزير من الوزراء "
ثم تناول سعادته الانتخابات وشرط المؤهل، مشيرا إلى أنه ليس من الضرورة اشتراط المؤهل الجامعي في العضو المنتخب، وإنما المطلوب هي المهارات و العناصر و المقومات أكثر من الشهادة ، خاصة الشهادات في ظل تراجع مستوى مخرجات المؤسسات الجامعية ، مبيناً أنه لا يرى أن يشترط هذا المؤهل في العضو المنتخب لتمثيل مجلس الشورى.
وتطرق سعادة الشيخ إلى الحديث عن الهيئة الانتخابية لافتا النظر إلى أن" الذي يشرف على الانتخابات هو وزارة الداخلية ، و الوالي هو رئيس اللجنة الانتخابية في الولاية، موضحا أنه لو كانت الهيئة الانتخابية على مستوى السلطنة و على مستوى اللجان مستقلة تحت غطاء قضائي فإنها ستكون أفضل".
وأبدا العبري في ختام مداخلته تخوفا من أن " يعطى مجلس عمان الصلاحيات الرقابية والتشريعية ، و يكون تعاطي المجتمع و الفئة المثقفة دون الطموح و يتشكل المجلس من أعضاء يبحثون عن الجاه أو المنصب " مقترحا أن تكون هنالك لجنة تطوعية على مستوى السلطنة لها دور في تحريك المجتمع، و رصد التجاوزات خلال العملية الانتخابية، و توعية المواطن بأن صوته له قيمة و لا بد أن يعطيه لصاحب الكفاءة".
بعد ذلك قدم الكاتب و الباحث أحمد بن محمد الغافري، وهو أحد مؤسسي مبادرة مدينتي تقرأ مداخلة أشار فيها إلى أن: مسألة الحراك التطوعي لا بد أن يكون موازياً للحراك المؤسسي ،ـ و نحن لابد أن نعرّف الناس بواجبهم الشرعي و كذلك بحقهم الانتخابي ، خاصة مع الصلاحيات المنتظرة التي نأمل أن تكون بناءة - طالما تمت في جو من الحوار المتبادل والحر- و لذلك فالعمل التطوعي المحلي في ترشيد هذا الحق عمل أساسي بموازاة كل الجهود المؤسسية التي تأتي من السلطة.
وقال الغافري متحدثا عن الحراك الذي شهدته السلطنة مؤخرا وتصنيفه مع أو ضد" من الخطأ اختزال آمال الناس و تطلعاتهم بهذه الصورة ، و لذلك فعلا أرى أن الثلاث الكلمات الافتتاحية التي ذكرها الإخوة الباحثون في بداية حديثهم المسؤولية و الاتزان أو التوازن و المبادرة ، و أنا أظن أن تفعيل هذه المبادئ لابد أن يكون على كل الأصعدة، سواء على المجتمع المدني، أو الأكاديميين أو المثقفين و الإعلاميين ، كما نادى أن نركز على ترسيخ دولة المؤسسات فحسب، و ترسيخ ثقافة احترام المؤسسات كذلك ، بحيث يكون على المواطن احترام القانون أو القرار الذي يأتي من المؤسسة لكنه أكد "حتى نقنع المواطن بهذا الاحترام للمؤسسة المتخذة للقرار فلا بد أن تحظى هذه المؤسسة بقدر وافر من الشرعية وأنا أعتقد أن فصل السلطات يؤهل هذا الأمر".
من جانبه قدم الدكتور حاتم الشنفري: من كلية التجارة بجامعة السلطان قابوس و نائب رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية مداخلة تساءل فيها:" في تصوري الآن نحن جالسون في حوار ، وطموحنا كبير و رغبتنا في التغيير جامحة و قوية ، لكن الواقع الذي نمر به واقع متقلب غير مستقر، فهل يا ترى المرحلة القادمة هي التي ستؤسس لواقع من التغيير الايجابي؟ أو أنها ليست ناتجة عن قناعة ، بحيث يكون التغير بوجود المطالبات فإذا خفت المطالبات قل زخم التغيير؟ واختتم الشنفري مداخلته بقوله: " تطلعنا للمستقبل مبني على التغيرات الحاصلة في المجتمع ، و قد تكون الأيام القادمة حبلى بالإفرازات و التي نتمنى أن تكون إفرازات ايجابية للمجتمع و الدولة بشكل عام و دائما الواحد يحيا على الطموح و يتمنى أن يلحق الواقع بهذا الطموح.
كما علق الشيخ صالح بن سليم الربخي عضو مجلس إدارة النادي الثقافي على اوراق العمل المقدمة بمداخلة رأى فيها أنه ينظر إلى قضية الشورى على أنها جزء من منظومة ، و تحتاج إلى ثقافة وآليات تتداخل و تتعاطى وتتفاعل مع منظومة متكاملة تعمل على تحقيق مفهوم ما تريد تحقيقه، مفهوم الشورى أو النظام ديموقراطي ، فإذا لم توجد هذه المنظومة بهذه الصورة فستكون هذه العملية الانتخابية ، وهذه المجالس هي عبارة عن مؤسسات شكلية ترسخ حالة أو صورة شمولية على شكل لائحة و صورة وضع ديموقراطي أو برلماني أو شوري".
المنظمات ليست مقياسا
ووقال صالح بن راشد المعمري ، الخبير بمركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية:" نحن دائما إذا أردنا شيئا نعتد بالمعايير الدولية التي طالما اغتررنا بها، و ينبه إلى أن هناك منظمات دولية يضرب لها مثالا بمنظمة الشفافية الدولية التي كانت تصنف عمان في السنوات الأخيرة من أوائل الدول العربية التي تحارب الفساد ، إلا أنها عادت وعكست تصنيفها خلال شهرين فقط! مضيفاً بأننا لا ينبغي أن نغتر بالمعايير الدولية فهي توضع في إطار عام لكن كل دولة لها مسارها الخاصة و لها وضعها الخاص و لها إمكانياتها الخاصة ، فلماذا نطالب إلى تنزيل سن المقترعين في الانتخابات إلى 18 سنة وصاحب هذا السن ما زال في التعليم الثانوي؟؟!!، أنا اقترح رفع هذا السن من 21 سنة ، حتى يكمل المرحلة الجامعية و يزاد ثلاث سنوات من سنه الوظيفي".
من جانبه بدأ محمد بن سعيد بن بركات الهادي مداخلته باقتراح "أن تشرف المحاكم القضائية على اللجان الانتخابية حتى تكون نتائجها صادقة وموضوعية، بعدها تساءل الهادي عن "كيف يمكن لعضو مجلس الشورى أن يراجع أو يسن قانونين أو دراسة الخطط ، و أن يمارس النقد البناء دون أن تكون لديه دراسة كافية تؤهله للقيام بدور فعال في المجلس؟! و اقترح أن يجرى اختبار بسيط ليحدد المستوى العام لمستوى ثقافة العضو المنتخب، والتي تؤهله ليكون عضوا فعالا في المجلس تحت بند الثقافة أو على قدر كاف من الثقافة الذي تنص عليه شروط الترشح.
ثم تحدث الهادي عن فصل السلطات الثلاث مبينا أنه لا يعني تخبط هذه السلطات أنما تكون كل سلطة وفق قانون معين يحدد صلاحياتها، و هذا القانون يشارك في إعداده رجال متخصصون في القانون ودراسة القوانين، وأن تشرف عليها المحاكم.
الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس مجلس إدارة الجمعية الاقتصادية العمانية ، افتتح مداخلته بشكر القائمين على هذه الندوة ،ثم وضح بأن نظرته ستكون شامله و أنه سيعالج مداخلته بالنظر للشورى كمنهج و نظام حكم و هو يرى بأن الفرق شاسع بين الشورى كمنهج و نظام حكم وبين الشورى المتمثلة في مجلس الشورى الحالي بالسلطنة ، ثم عرج مسوغات تفضيل منهج الشورى على الديمقراطية و مناسبتها لتركيبة المجتمع العماني،كما نوه إلى أن الشورى كمنهج و نظام حكم أوسع بكثير من البحوث المقدمة التي تناولت جزء من آليات تطبيق منهج الشورى ،ثم تساءل ـ و نحن في هذه المرحلة التي يعاد فيها صياغة النظام الأساسي للدولة ـ حول مفهوم الشورى و موقعه في النظام الأساسي للدولة ؟ هل هناك دور فعلي لمفهوم الشورى في النظام الأساسي للدولة؟
ثم بين بأن تأسيس نظام الحكم على مبدأ الشورى أو الديمقراطية لابد و أن يقوم على تحقيق مبدأ الوطنية و تحقيق مبدأ العدل و الإنصاف و التي حدد لها الشرع معايير واضحة . كما بين في الوقت نفسه بأن الديمقراطية المعاصرة اعتبرت منهج و نظام حكم قادر على مراعاة العقائد مع التفريق بينها و بين الليبرالية باعتبارها عقيدة . و في الحالتين فأن المسائلة هي جوهر تحقيق الغرض السياسي و هو التحقق من عدم إساءة استخدام صلاحيات السلطة التنفيذية السياسية ، ثم تطرق إلى المسائلة الفعالة و ما تتطلبه من التزام بتقديم تفسير ، و الحق في الحصول على رد ، و النفاذ و ضمان اتخاذ إجراءات أو الانتصاف في حال فشل المسائلة ، و من مستلزمات و جود المساءلة و جود شفافية لأن غياب المعلومة الموثوقة لا يوجد أساس للمسائلة أو لفرض عقوبات. ثم عرج على أساسيات الشورى من وجهة النظر الشرعية باعتباره منهج حكم قائم على الإجماع و التعاقد ، كما في القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة ، ثم بين بأنه على ولي الأمر مشاورة الأمة ( و شاورهم في الأمر ) ( و أمرهم شورى بينهم ) و لقد حدد الرسول مسؤولية الأمة حيث قال : (أنتم أعلم بأمور دنياكم ) ( إنما أنا بشر مثلكم ) ، مورداً ما قاله المفكر الإسلامي رشيد رضا بأن قاعدة الطاعة مقيدة بشيء أساسي هو التزام و لي الأمر بقيم الفضيلة و مبادئ المساواة و الشورى و الإجماع بجانب الشرع و العدل و التي تعتبر أساس السلطة في الإسلام حيث تعود إلى الأمة لأن لقراراتها قوة التنفيذ في كل مسألة تستشار فيها و تتبنى بصددها حلا جماعياً ، ثم بين أن من أهم أساسيات الشورى أن تكون التوصيات المتفق عليها ملزمة.
الفصل بين السلطات
من جانبه قال الدكتور محمد طاهر آل إبراهيم، الأستاذ بكلية الحقوق في مداخلته أمام الندوة إن موقف الدساتير في العالم من قضية الفصل بين السلطات ، ثلاث مواقف أساسية :موقف الفصل التام : مثاله الولايات المتحدة الأمريكية، وموقف الفصل مع التعاون بين السلطات : مثاله بريطانيا، وموقف التنكر للفصل مثاله : الدول الشيوعية ـ دول العالم الثالث و أن كانت أوردت في العديد من الدساتير الفصل من الناحية الشكلية ، إلا أنه حقيقية كل السلطات مركزة في يد فرد .مبيناً أن عدم الاعتراف بالفصل هو تكريس للاستبداد و التحكم ، و هو عملياً تكريس للانتقاص من حقوق الناس ، النوع الثاني الذين هم متنكرين للفصل و هم النظام الاتحادي كما في بعض الدول التي تترك تسير الدولة من قبل البرلمان
ثم تساءل عن المجتمع المدني الذي رأى أنه (مغيب) و أن هذه الجمعيات هي جمعيات ميتة لأنها لم تنشط و لم تتحرك ، فيما يرى أنه ما زالت أداة المجتمع معنا أداة القبيلة ، مع أنه لا يوجد ضير أن تكون لدينا أداة القبيلة ، على أن تفعل في الإطار الايجابي دون قفز على مجتمعاتنا .
و فيما يتعلق بجدل الشورى و الديموقراطية ، رأى أنه جدل لا يمكن أن نتخلص منه كل يوم نحن نتجادل بالشورى و الديموقراطية ، موضحاً تصنيفات بعض "المشايخ" للديمقراطية إلى ثلاث حالات : من يرى أن الديموقراطية كفرا بواحا ، وهناك من يدعو إلى الديموقراطية بما فيها من بلا تردد و ينكر على الآخرين فيقول هؤلاء المتحجرين و المشايخ و المتدينين و متجمدين و هذا العالم ما تطور عنده إلا بالديمقراطية ، و نوع ثالث أناس يدعون إلى استخدام الآليات و هي ثلاث آليات للديموقراطية انتخابات حرة نزيهة و تداول سلمي للسلطة و تعددية سياسية ،و رأى أنه إذا فعلت الشورى على هذه القواعد الثلاثة لن يكون هناك مشاكل على هذا الصدد ، مؤكداً أننا بدأنا في هذا المشروع و لذلك من أجل النهوض بهذا البلد لا بد من توزيع الصلاحيات و إلزام السلطة التنفيذية أولا بالقانون ، حتى لا يكون هناك أحد فوق القانون ، منبهاً إلى أن كثير من المؤسسات كانت تعليمات الوزير فيها مقدمة على القانون !!
من جانب آخر بدأ حاتم بن حارث آل عبد السلام مداخلته بالتنويه إلى ضرورة توضيح ما إذا كان هناك تعارض متوقع في صلاحيات مجلس الشورى ومجلس الدولة وفق التغييرات المرتقبة.
ورأى الباحث خميس بن راشد العدوي أن المشكلة معنا في عمان ليست في وجود القوانين أو نقصها بل على العكس هناك قوانين موضوعة لكل الجوانب، فأوضاعنا تختلف عن الكثير من الدول في هذا الجانب، ومع ذلك تجد أحيانا أنك تقطع مسافات زمنية للوصول إلى ترخيص لتأسيس جمعية علمية أو اجتماعية. واستطرد العدوي قائلا: " في الجانب الثاني تثور قضية متى اشتغلنا بالقانون، وخصوصا حين نقارن أنفسنا ببلدان صار لها أكثر من 150 سنة في سن القوانين كمصر مثلا، وعلى المجتمع الانتباه إلى الالتفاف على المؤهلين لصنع القانون و ضرورة دفع للقانون في مجراه الصحيح، فلا يكفي لتعديل القوانين وتصحيحها أن يتم التحدث في برنامج إذاعي حولها، مع أنه من ضمن حريات التعبير عن الرأي لكنها ليست منطقة صناعة القانون، وأتصور أن الجلسة التي نحن فيها الآن مهمة جدا بل وضرورية ومع ذلك حسب تصوري ليست منطقة لتعديل القوانين حول ما نتحدث عنه من جوانب تشريعية ورقابية لمجلس الشورى.
واختتم العدوي مداخلته بالدعوة إلى ضرورة أن يوجد إلى جانب الثقافة علم القانون ومؤسسات ومراكز لدراسة للقانون وإلى حد الآن ليس لدينا في هذا الجانب سوى شرح أو شرحين مبسطين لموضوع النظام الأساسي للدولة. هنا نتمنى أن نرى دراسات وشروحات قانونية يستفيد منها القانونيون والباحثون والدارسون ومن أراد التثقف في هذا الجانب. كذلك نتمنى أن نرى ندوة سنوية للدراسات القانونية!!
التطرف في الظلامية
الكاتبة والمهندسة عائشة السيفية بدأت مداخلتها بقولها: "عندما نتحدث عن دولة حريات ومؤسسات مدنية، وفي الجانب الآخر عندما نطالب برفض التطرف في الظلامية نطالب أيضا بعدم التطرف في المطالبة بالقوانين ومبادئ الحرية والعدالة، ولا ينبغي أن نقفز على مجتمعنا، فمثلا يقوم بعض المرشحين لمجلس الشورى بدفع مبلغ مالي للناس ليقوموا بترشيحهم!!، نحن نتحدث عن الدورة الأخيرة لمجلس الشورى، كانت خالية من أي تمثيل نسائي، وهذا ترشيح مجتمعي لم تتدخل الدولة فيه، فينبغي أن نتدرج. فلماذا حين يتحدث الدكتور مثلا عن اللجنة التي تعمل في الخفاء في صياغة السلطات التشريعية والرقابية وكذا، دعونا ننتظر مبدئيا لنرى ما ستنتجه هذه اللجنة.
وتطرقت السيفية إلى أن مسألة لعن الظلام ورفض ما يحدث سيدفع المثقف إلى ممارسة دور تصادمي مع الدولة، على المثقف أن ينير للشعب الطريق، وتساءلت السيفية: لماذا لم نجد خلال العقدين الماضيين اشتغال حقيقي من المثقف نفسه على توعية الشعب بالدساتير والقوانين والنظام الأساسي للدولة؟ ولماذا لم نر أدوات حقيقية قام عليها المثقف بدل أن ندخل في هذا السياق وفي هذا الجو المحموم في التصادم مع الدولة، والإشارة بعصا الاتهام إلى الدولة ؟ لماذا لا نبدأ باشتغال حقيقي في توعية الشعب بحقوقه و ما له و ما عليه؟ لماذا لا نبدأ بمحاولة تطوير ثقافة الشعب؟؟
ثم تناولت السيفية موضوع المؤهل العلمي للمنتخبين لتمثيل الولايات:" فعندما نتحدث عن الشهادات وتوافرها في مرشحي مجلس الشورى-مثلا- أعتقد الأمر يرتبط بثقافة الشعب نفسه، فعندما أذهب أنا وأرشح عضو لا يمتلك مؤهل علمي، فماذا أتوقع منه؟؟ و كذلك عندما نتحدث عن عزوف شعبي عن الترشح لمجلس الشورى لأنه مثلا قوانين المجلس تلزم بأن لا يكون العضو على رأس عمله العضو خلال مدة مشاركته في مجلس الشورى، أعتقد أنه أولا وأخير ينبغي أن يكون الرهان على ثقافة الفرد نفسه وثقافة المجتمع، وهما اللتان سوف تجبران الدولة على التعاطي معها و لو لم تكن ثقافة الشعب هي التي تفرض ذلك لم يكن ليخرج الشعب إلى الشارع و لم تكن تلك الاستجابة المشكورة من الحكومة".
وأردفت السيفية الحديث عما أثير حول ما يتعلق بالتمثيل العددي حسب الكثافة السكانية، ورأت أن يكون لكل 30 ألف نسمة ممثل واحد، كحل وسط فليس من العدل أن تتساوى الولايات في عدد الممثلين مع وجود فارق كبير في الكثافة السكانية.
وتناولت السيفية في مداخلتها موضوع التمثيل النسوي في مجلس الشورى، مؤكدة إن عدم ترشح المرأة أو عدم فوزها في المجلس هو انعكاس تام لثقافة المجتمع، وهذا يدل على أن المجتمع لم يصل بعد إلى الثقة بالمرأة لتمثيله في مجلس الشورى، مبينة أن الإرادة في النهاية هي إرادة شعبية ولا أعترض على هذا الشيء بل على العكس فهو يعطي قراءة عميقة لما يدور، وهل يملك المجتمع نضج سياسي كاف لإحداث تغيير كبير في الدساتير، واختتمت السيفية مكررة القول: أنه لا ينبغي أن نقفز على الواقع، دعونا نتدرج.
لا تغييب للمرأة
وافتتح مبارك الشبلي وهو عضو مجلس شورى سابق مداخلته بالحديث عن تمثيل المرأة في المجتمع مبينا أنه عندما يذهب رجل ويمثل في مجلس الشورى لا يعني هذا تغييب للمرأة فالرجال شقائق النساء، فهم يمثلونهن ولا أرى من ضرورة ليكلفن أنفسهن هذا العناء، وعليه فأن المرأة مستشارة وهناك من يأخذ بآرائهن، وأكد أن كل ما في الأمر أن التمثيل في مجلس الشورى يجب أن يربط بالكفاءة لا بالجنس الأنثوي أو الذكوري. فالكفء من الجنسين هو المهيأ للقيام بالأمانة الملقاة على عاتقه.
أما فيما يتعلق بالتمثيل العددي حسب الكثافة السكانية فيرى الشبلي: أنه ليس بالضرورة العمل به، فهناك مناطق ليس فيها عدد كبير من السكان لكنهم موزعين في مناطق كثيرة الأمر الذي يعني تحمل المشقة من العضو للوقوف على احتياجاتهم وشؤونهم، ولا أدعو في الوقت نفسه إلى إلغاء معيار الكثافة بل أدعو إلى الاستئناس به ومراعاة الجانب الجغرافي التضاريسي في عملية تحديد عدد مثلي كل ولاية.
ونادى الشبلي بضرورة الأخذ بمعيار المؤهل العلمي لممثلي الولايات فهو من الأهمية بمكان، فليس من المعقول في شيء أن يكون الممثل بالكاد يقرأ و يكتب!! فهذه مصيبة لهذا المجلس بهذا الحجم والهيئة التي يراد له أن يكون عليها، بحيث يكون متفاعلا مع المجتمع بصورة أكبر من ذي قبل وخاصة بعد الحراك الأخير الذي حصل في بلداننا العربية.
د. عبدالرحمن برهام باعمر أكد في بداية مداخلته إلى أنه يجب أن نفهم ثقافة المجتمع و ثقافة الشعب وهي حصيلة لما يحدث في هذا المجتمع من تربية و أطر قانونية و نتيجة كاملة لما تقره السلطة نفسها فإذا كانت سلطة مخلصة متوجهة إلى الإصلاح بنية حقيقية ستجد و ستضع الأطر الصحيحة التي تفرز هذه الثقافة والتي تقوم على ضمير الإنسان نفسه و على مسؤوليته تجاه وطنه و أمته فإذا كانت قضية المسؤولية هي المرتكز الأساسي فيما نرتجيه من أطر تشريعية و تربوية و حراك فأعتقد أنه سيكون الواقع مختلف تماما و سنجد ذلك المجتمع الواعي الذي يؤمن بالعدالة و الذي يسعى إليها أيضا و سنجد ذلك المواطن الذي يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و سنجد ذلك المواطن الذي يكون حريصا جدا على دفع المظالم و لن يتردد في النقد الإيجابي و لن يتردد أبدا عن المسير نحو الإصلاح و نحو نهضة الأمة.
و يعتقد د. عبد الرحمن أنه لكي يفرز مجلس الشورى شباب قادرين على العطاء مؤمنين بأهداف المجلس قائمين على نهضة هذا البلد و على هم الأمة من الضروري أن يعاد تشكيل الآليات التي تؤدي إلى هذا النهوض.
وفيما يتعلق بالمؤهل العلمي للعضو يرى برهام: أن المسألة ليست مسألة شهادات، وإنما يجب أن يكون هذا التمثيل حقيقيا لرغبة الناس و رغبة الشعب كما يجب أن تعتمد تفعيل المشاركة و رفع جودة هذه المشاركة من خلال جعل التمثيل نسبيا، وكمرحلة أولى لا يمنع أن تكون الدائرة الانتخابية هي المحافظة الإدارية فلا يمنع أن يكون كل محافظة إدارية هي عبارة عن دائرة انتخابية واحدة وأن يعتمد نظام الكتل لأن نظام الفرد والتمثيل الصوتي و الفرد الواحد أثبت فشله في معظم التجارب التي تسعى إلى إبراز ممثلين للشعب.
واتبع د. عبد الرحمن حديثه بالدعوة إلى ضرورة انشاء هيئة مستقلة للانتخابات تحت إشراف قضائي فهذا مطلب و لا يجوز أن تشرف وزارة الداخلية على انتخابات ستفرز مجلس تشريعي مستقل. والدعوة إلى تشكيل المجالس المحلية التي أعلن عنها بالانتخاب الأمر الذي يسهل مساهمتها في تفعيل قضية المشاركة والتمثيل و توسيع نظام الحكم المحلي ليكون للبعد عن المركزية ولكي تتفرغ الوزارات للعمل الاستراتيجي و التخطيطي و تكون الإدارة في يد الإدارات المحلية.
واختتم برهام مداخلته بالتأكيد على أن قضية التطوير قضية مستمرة وأن هذه ليست فرصة وحيدة لوجود فرصة لمراجعة النظام الأساسي و أعتقد أن المدافعة هي سنة كونية و يجب على النخب أن تستمر في الدفع لعملية الإصلاح و أن تنتهج سبل متحضرة في هذا الأمر و متعقلة و لكن لابد من الدفع .
و عقب محمد الحجري على ذلك قائلاً بأنه عندما يمنح مجلس عمان الصلاحيات التشريعية والرقابية فمن أوجب الواجبات على هذا المجلس أن يناقش تلك القوانين المقيدة للحريات العامة و المتعلقة بحرية التعبير و من اوجب الواجبات لهذا المجلس أن يقوم بمهمته الوطنية تجاه إعادة صياغة هذه القوانين لأن حرية التعبير و الإعلام الحر و المسؤول الذي يعبر عن هذه الحرية هو الهاجس الحقيقي لأي توجه تطويري.
القفز فوق المجتمع
من جانبه قال خميس بن جمعه البلوشي:عندي بعض النقاط التي يجب أن نقف معها أولا أنا مع عدم القفز على واقع المجتمع و المجتمع العماني كلنا نحبه و خلال الفترة المنصرمة 40 عاما تغيرت فيه أشياء و التطلعات كثيرة و عدم القفز على الواقع نقطة مهمة كثيرا و أنا وقفت على أشياء في تعداد 2003 م و قفت أمامها مدهوشا بأن حملت الشهادات الجامعية يشكلون 4.5% من تعداد السكان فإذا أردنا أن نقود مجتمعا فعلينا أن نركز على تعليم هذا المجتمع فربما لاحظنا في نسب الباحثين عن عمل معظمهم من المتسربين من المدارس و حاملي الشهادة العامة فكيف يمكن أن تقود بهؤلاء الناس مرحلة تاريخية تؤسس عليها ممارسات و استحقاقات و النقط الثانية أنا أعتقد أن الحكم المطلق على تجربة الشورى في عمان في غياب الدراسات الحقيقية التي يجب أن تقوم بها المؤسسات المتخصصة في نوع من القسوة فأنا أدعو من هنا و الإخوان من المركز أن تتم دراسة حقيقية لتقييم التجربة بإيجابياتها و سلبياتها.
أما بالنسبة لموضوع الإعلام أنا أعتقد أن الإعلام لم يقدم شيء لتجربة الشورى و الممارسات التي تتم في المجلسين، وما يزال الخطاب الإعلامي خطاب نمطي و لم يخرج عن الخبر اليومي و لم يدخل في ممارسات المجلس و أنا أعتقد أن في المجالس هناك لجان و اللجان تمارس أعمال أكثر من موضوع استماع للوزراء و هناك مواضيع تحال و مواضيع تعالج و لكن الإعلام لم يقدمها و ما زال إعلامنا إعلام دوائر علاقات عامة يكتب الخبر ثم يصاغ و ترسل الصورة فالإعلام العماني لم يقدم شيء لتجربة الشورى و لم يضيف لها إطلاقا و أعطوني خلال الخمس سنوات أي محلل إعلامي دخل في جلسة عامة لمجلس الشورى و جلس و خرج بتحليل خطاب إعلامي حقيقي فيه هوية.
وبعد مادخلات المشاركين في الندوة عاد الباحثين للرد على ما جاء فيها. حيث بدأ الباحث أحمد المخيني بالحديث عن ما أثير في الندوة حول ما يتعلق بالتغطية الإعلامية مؤكدا أن القانون لا يسمح بدخول الإعلاميين إلى مجلس الشورى، فمداولات المجلس و وثائقه كلها سرية وعليه كيف نطالب الإعلام بإظهار ما يتم في هذا المجلس!!، ثم تطرق المخيني إلى دور المرأة ومشاركتها السياسية مؤكدا ضرورة مشاركتها وذلك من عدة منطلقات منها: الدلالة على البعد التنموي لمشاركة المرأة فيه بحسب اطلاعه أشار إلى أنه قد أثبت علميا أن مشاركة المرأة السياسية تبعد الفساد عن هذه المؤسسات، والنقطة الثانية تكمن في البعد العقلي والذهني للمرأة فهو مختلف ومكمل للبعد العقلي والذهني لدى الرجل في الوقت ذاته، وهذا من الضرورة بمكان مراعاته في الأبعاد التنموية، والنقطة الثالثة تتمثل في البعد النفسي والاجتماعي للمرأة فهي صانعة الأجيال الأمر الذي يحتم قيامها بدور كبير في تحديد كيفية صنع هذا الجيل، وأخيرا ما يؤديه دور مشاركة المرأة في عكس النضج السياسي للبلد الذي يتيح لها القيام بهذا الدور.
18 سنة
بعد ذلك تحدث عن سن الاقتراع مسيرا إلى أن من ميزات تخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة تكمن في أن هذه الفئة العمرية لديها رغبة في التغيير، بينما الفئة من 21-30 فربما انخرطوا في العمل ولديهم الرغبة في استقرار الأمور وبقائها كما هي عليه.
واختتم تعليقاته حول مناقشة المشاركين بالحديث عن دور العضو المنتخب للمجلس فليس من المطلوب منه أن يكون خبيرا قانونيا أو فنيا أو اقتصاديا، وإنما المطلوب إضفاء الشرعية الشعبية على القرارات التي يتخذها المجلس.
من جانبه أكد الشحري في حديثه على أهمية الثقافة القانونية حيث أكد على ضرورة نشر الوعي القانوني و الثقافة القانونية بجانب ثقافة احترام القانون، و التي بدورها تحتاج إلى جهود كبيرة و طويلة الأمد . ثم تناول نشر مفهوم المواطنة المسؤولة معللا ذلك بكوننا في مرحلة بناء و نحن و الحمد الله في الطريق الصحيح نحو هذا البناء .
ثم تطرق الشحري إلى ثقافة الحوار مؤكدا "أننا في أمس الحاجة إليها لأننا كمواطنين هدفنا واحد و إن اختلفت آراؤنا و قد أكدت هذه الجلسة هذه النقطة حيث إننا نختلف في بعض النقاط إلا أننا نمضي في هدف واحد" .
أما فيما يخص موضوع المجالس فأكد الشحري على الممارسات الموجودة في العالم الآن و أساليب العمل الموجودة حاليا ليس بالشيء المتقن لأنها في نهاية المطاف هي نتاج بشري، وعليه لا يرى مانعا من واقعنا الحالي أن مجلس الشورى يظل مفتوحا لكل من هو قادر للوصل إليه بإرادة شعبية و باختيار مباشر من الناس و ما الذي يمنع أن يكون المجلس الأخير منتخبا و لكن بمواصفات معينة و بذلك يتكامل مجلس الشورى المنتخب مع المجلس المنتخب بمواصفات وبالتالي سنخرج بمجلس عمان متكاملا و هذا أمر معمول به في العالم و له آليات تنسق العمل بين المجالس.
و بالنسبة بالجهة التي تحاسب مجلس الشورى استطرد الشحري:"هناك رقابة دستورية للمخرجات من هذا المجلس و كذلك هناك رقابة شعبية معتمدة على الوعي بالواقع تراقب العضو و تحاسبه قد تمنعه من الانضمام إلى المجلس في دورته القادمة .
واختتم الشحري حديثه بالتطرق إلى مؤهلات العضو المنتخب لمجلس الشورى حيث قال:" لا تشترط في العضو المنتخب الشهادة فالخبرة و الإمكانات إلى لديه تكفيه و ما الذي يمنع عضو مجلس الشورى أن يستعين بالخبرات التي لا يمتلكها هو كالاستعانة بالجامعة و الجمعيات الأهلية وغيرها، و المطلوب هو أن تتغير ثقافة العمل في المجلس إضافة إلى تغيير بعض القوانين التي تضبط عمله و الأهم من كل هذا وعي العضو بدوره و بدور مجلس الشورى، أنني مؤمن بدور مجلس الشورى في السابق و الآن هو دوره أكبر و أوسع من ذي قبل و هو صمام الأمان للشعب.
من جانبه تناول الباحث يعقوب الحارثي الإجابة حول الاستفسارات التي تقدم بها المشاركون في الندوة، فبدأ بالحديث عن الرقابة المطلوبة على مجلس عمان مشيرا إلى أن المجلس بصورته الحالية لا يحتاج إلى مراقبة نظرا لأنه لا يمارس سلطة كبيرة، أما مجلس عمان المرتقب فتراقبه عدة سلطات: السلطة التنفيذية وهي سلطة السلطان، والسلطة الثانية هي السلطة القضائية المتمثلة في القوانين والدساتير، وهناك رقابة أخري يمارسها القضاء الإداري بالنسبة للأعمال الإدارية التي يقوم بها المجلس كجهاز سواء كان مجلس الشورى أو مجلس الدولة.
وفيما يتعلق بالقائلين بعدم قدرة المجتمع على صناعة التشريع، فيرد الحارثي: أن تترك للمجتمع الفرصة للممارسة وليحاول وليستفد من أخطائه، وهذا أفضل من أن نبقيه جاهلا في هذا المجال.
وأشار الحارثي إلى أن تمثيل العضو في الفترة القادمة ليس بالضرورة أن يقتصر على ولاية العضو وإنما نحن أمام مجلس تشريعي، بعدها أكد الحارثي- ردا على تساؤل حول حصانة الوزراء- أن القوانين العمانية لا تمنح أي وزير حصانة، وإن كان الواقع بخلاف ذلك، فلو ارتكب وزير ما جريمة وظيفية أو أية جريمة أخرى لا نحتاج إلى موافقة لمحاكمته بل يمثل أمام القانون كسائر المواطنين، وليس لهم جهة خاصة لمحاكمتهم.
وحول جدوى الرقابة على مجلس الشورى واستثناء مجلس الدولة، أشار الحارثي إلى أن إعطاء الرقابة لمجلس الدولة فكأننا نعطي الإدارة تراقب نفسها بنفسها، والمفترض أن تكون الرقابة لمجلس الشورى.
ثم تحدث الحارثي عن المرأة و وصولها إلى مجلس الشورى، مبينا أن الديموقراطية رأي الأغلبية سواء أكان الرأي صائبا أم خاطئا، هنا حين يرفض المجتمع مشاركة المرأة السياسية علينا احترام رأي المجتمع، ففي بلدنا عمان فرضت المرأة على المجتمع فرضا فمن أدخل المرأة في مناصب قيادية هي الدولة بغض النظر عن رغبة الشعب في ذلك أوعدمها.
و قد ختم محمد الحجري الندوة بالتأكيد على المهام المصيرية للدورة القادمة لمجلس الشورى ليس فقط في ممارسة الصلاحيات التشريعية و الرقابية ، بل و في نقل حراك الشارع الذي لاحظناه في المرحلة المقبلة إلى حراك منظم ضمن المؤسسات الدستورية ،و أيضاً في إرساء أسس علاقة سليمة و متوازنة مع السلطة التنفيذية ، سائلاً الله أن يفتح أبواب المستقبل المشرق على مصاريعها ، مؤكداً بأن عمان التي لها هذه القيادة الحكيمة ، و تختزن كل هذه العقول النابهة التي تشعر بالمسؤلية الوطنية لا خوف عليها إن شاء الله ، لأن هناك دائماً من يفكر من أجل عمان و يعمل من أجلها وفاء بحقها عليه
نقلا من جريدة عمان ملحق شرفات

06‏/06‏/2011

3 أوراق عمل تناقش انتخابات "الشورى" والممارسة السياسية

الرؤية- عهود الجيلانية
دعوات لتوسيع قادة المشاركة الشعبية

أقام مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية مساء أمس الأول 2011 بجامع السلطان قابوس الأكبر حلقة نقاشية بعنوان الشورى والمشاركة السياسية تناولت ثلاثة أوراق عمل الأولى قدمها أحمد بن علي بن محمد المخيني بعنوان "العملية الانتخابية"، والثانية بعنوان "مجلس عمان والصلاحيات المستقبلية" للمحامي سعيد بن سعد الشحري، وجاءت الأخيرة بعنوان "الصلاحيات الرقابية لمجلس عمان (الواقع وضمانة المستقبل)"، وأدار الندوة الباحث محمد الحجري وذلك ضمن خطته للنشاط الثقافي للمركز لعام 2011، بمشاركة مجموعة من الباحثين والخبراء والمهتمين.

وتناول المحامي سعيد الشحري في الحلقة النقاشية عدة محاور أهمها السلطنة السياسية التي تنقسم إلى سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية، ومنها انقسام السلطة التشريعية إلى وظيفة تشريعية، تمثيلية ورقابية، موضحا التجربة العمانية من خلال مجلس عمان الذي يجمع مجلسي الشورى والدولة.

وقال الشحري إن مجلس الشوى له صلاحيات تشريعية من مراجعة مشروعات القوانين، تطوير القوانين الاقتصادية والاجتماعية، إعداد مشروعات خطط التنمية الخمسية، الموازنة العامة للدولة، والصلاحيات الرقابية المتمثلة في الاسئلة البرلمانية، والبيانات الوزارية وطلبات المناقشة، ومتابعة أداء الحكومة من خلال التقارير السنوية، موضحا ما يقوم به مجلس الدولة من مراجعة مشروعات القوانين ومتابعة اداء الحكومة المتمثل في الصلاحيات التشريعية والرقابية للمجلس، متسائلا في هذا الجانب عن الشكل المناسب لتنظيم العلاقة بين المجلسين وماهي الوظيفة المثلى لمجلس الدولة في ظل الصلاحيات التشريعية والرقابية المستقبلية.

وقدم سعيد الشحري عدة مقترحات مستقبلية أولها في اكتساب العضوية لمجلس الدولة فالبديل الأول يتمحور عبر الانتخاب، ووجود عضوان لكل ولاية دون اعتبار للكثافة السكانية أو المساحة، والبديل الثاني يتمحور في أن ينتخب ثلثا الأعضاء، والثلث الاخر يكون بالتعيين وفق المعايير المعتمدة حاليا لشروط العضوية، ولضمان تمثيل متكافئ لمجلس الشورى عن طريق أن يكون هناك ممثل لكل 30 الاف شخص، واستمرار شروط العضوية الحالية.

وقال أحمد المخيني في الورقة التي قدمها بعنوان"العملية الانتخابية" إن العنصر الأبرز في تحديد السياق المحلي لسلامة الانتخابات ومعايير تقييمها هو مدى تأثير نتائج العملية الانتخابية على مجريات المشهد السياسي والهياكل الاجتماعية في البلاد.

وقدم المخيني في ختام ورقته توصيات للدفع تجاه سلامة العملية الانتخابية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية عبر تكثيف الحملات التوعوية باهمية المشاركة في الانتخابات وتجسيدها لبعد المشاركة الشعبية، وتوفير ضمانات فعلية لحرية التعبير عن الرأي والنقد البناء للمرشحين والناخبين، واجراء استطلاع رأي لمعرفة توجهات الناخبين.

وتناول يعقوب الحارثي في ورقة بعنوان "الصلاحيات الرقابية لمجلس عمان.. الواقع وضمانة المستقبل"، مفهوم النظام الأساسي للدولة (الدستور) هو النظام السياسي للدولة الذي يبين نظام الحكم وآلية عمل السلطات وحقوق الأفراد وحرياتهم.

وتطرق إلى محاور عدة أولها التوازن بين السلطة والحرية، وضرورة فصل السلطات في النظام الأساسي. وقال إنه كان يفترض أن تكون الرقابة بيد مجلس الشورى دون مجلس الدولة معللا ذلك أن هذا الأخير معين من قبل السلطان بالتالي يكون محسوبا على السلطة التنفيذية التي يراد مراقبتها، مشيرا إلى المطلب الأول في هذا المحور إلا وهو الرقابة والمسؤولية من حيث الرقابة السياسية، والرقابة المالية والجنائية، والمطلب الثاني ضمانات الرقابة لكي يتسنى لمجلس عمان أو الشورى مراقبة الحكومة والوزراء بكافة طرق الرقابة.

وعرج الحارثي على مجمل الضمانات سواء التي تكفل تحقق دولة القانون أو التي تحفظ حقوق وحريات الأشخاص، كما لا بد من بيان ضمانة توازن السلطات الثلاث أولها بصلاحيات كل سلطة بنص دستوري، وثانيا الرقابة على دستورية القوانين، وثالثا تحديد شكلية ومراحل سن القوانين وآلية التصديق عليها، رابعا بيان حدود وصلاحيات السلطة الرقابية لمجلس الشورى، وتحديد آلية الاستجواب والسؤال، بالاضافة إلى الأثر المترتب على السؤال أو الاستجواب، خامسا تفعيل الرقابة الادارية والمتمثلة حاليا في جهاز الرقابة ووزارة المالية، سادسا الرقابة القضائية على أعمال الادارة والمتمثلة حاليا بمحكمة القضاء الاداري، سابعا رقابة الرأي العام على أعمال الحكومة، وذلك من خلال كافة وسائل الاعلام أو أي وسيلة أخرى، مثل الاحزاب في الدولة التي تمح بوجود أحزاب، ثامنا تثقيف الرأي العام عن عمل السلطات الثلاث وذلك من خلال حلقات العمل والندوات التي تقوم بها الجهات الحكومية أو المؤسسات أو الجمعيات.

وقد ناقش الحاضرون قضية الشورى والمشاركة السياسية انطلاقاً من هذه الأوراق رغم أن النقاش تطرق إلى جوانب أخرى خاصة في ضوء المرسوم السلطاني39/2011 الذي حدد ملامح المرحلة المقبلة بمنح الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس عمان وتعديل النظام الأساسي للدولة بما يتلاءم مع هذه الصلاحيات، حيث أتى النقاش على سياق الحراك السياسي والاجتماعي العماني في المرحلة التاريخية الراهنة
نقلا من جريدة الرؤية

01‏/05‏/2011

هل يملك رئيس إدعاء غلق موقع إلكتروني؟

كثر الحديث في الآونة الاخيرة عبر الصحف ووسائل الاتصال بكافة أشكالها عن ملابسات غلق المنتدى الحواري المسمى بالحارة، مما حدا بالادعاء العام إلى إصدار بيان تعريفي موسع عن سبب الغلق الجنائي إلا أنه في الوقت ذاته لم يبين السند القانوني الذي يخوله غلق منتدى حواري إنما اكتفى بالقول أن سلطة التحقيق لم تتمكن من معرفة الشخص الذي يدير الحارة، فهل عدم توصل التحقيق إلى نتيجة يبرر بحد ذاته غلق موقع إلكتروني؟
دانت العديد من الأوساط المهتمة بالرأي والتعبير عنه غلق المنتدى، حيث عد هذا الغلق انتهاكا صارخا لحرية الرأي والتعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة، فبما أن الادعاء العام هو المختص بتولي الدعوى العمومية باسم المجتمع وهو الساهر عليها، فلا بد لنا أن نقف معه ومع خطواته، ولكن قبل أن نشن آيات الدفاع عن تصرفات الادعاء لا بد لنا من توضيح نقطة أساسية تحوم حولها التساؤلات المثارة في  صدر العنوان، فما سيرد محض رأي ويحق لمن يشاء مخالفته وتصويب الخطأ إن وجد.
 قانون الاجراءات الجزائية يفصل بشكل دقيق الدور الذي يقوم به الادعاء بدءا من تلقي الخبر أو الشكوى حتى التصرف بهذه الشكوى، فلم نجد بين طيات هذا القانون ما بين صلاحيات الادعاء العام ولا السلطة الضبطية قرار حجب أي موقع إلكتروني، وما يدلل ذلك أن بعض الصلاحيات التي تكبل حقوق الافراد لا بد لها من نصوص خاصة فعلى سبيل المثال أتت بعض القوانين الأخرى لتعطي الادعاء العام بعض الحقوق أبرزها بعض الحقوق المنصوص عليها في قانون تسليم المجرمين، كما يجوز للادعاء العام التحفظ على أموال من أقيمت عليه دعوى بموجب قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، والمادة 12 من قانون غسل الأموال تجيز للادعاء وقف بعض المعاملات لمدة لا تزيد عن 48 ساعة، بمعنى أن صلاحياته التي تمس حرية الأفراد وحق الملكية وحقوق الأفراد بشكل عام مقيدة ومحدد صلاحياته بالوقت والمكان كما هو الحال في الحبس الاحتياطي، مما يدل بما لا يدع مجالا للشك أن المشرع في العديد من القوانين المتعلقة بالجزاء يبين بشكل دقيق صلاحيات الادعاء العام ومن خلال قراءة توجه المشرع نستدل أن سلطات الادعاء العام سلطة مقيدة وليس مطلقة بالتالي عليها التقيد بالخطى التي رسمها القانون، فيا ترى أين هذا السند الذي أعطى رئيس ادعاء إصداره؟ (*)
سأكون أكثر تفاؤلا، وسأبحث بين طيات قانون الاتصالات وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات عّلي أجد ما يتعلق بهذا الأمر سواء من بعيد أو قريب، فبالرجوع إلى هذه القوانين وجدتها تميل وبشكل واضح إلى جعل كل ما يمس حرية وحقوق الافراد بيد القضاء بعيدا عن السلطة التنفيذية وسلطة الاتهام (الادعاء العام)، وما يعزز هذا الموقف أن المادة الخامسة -بعد تعديلها عام 2007م  - من قانون الاتصالات تحظر مراقبة وسائل الاتصال إلا بإذن من المحكمة، وفي قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تنص المادة 32 "...على المحكمة المختصة الحكم..ب- غلق الموقع الالكتروني والمحل الذي ارتكبت فيه جريمة تقنية المعلومات أو الشروع فيها، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم مالكه وعدم اعتراض ويكون الغلق دائما أو مؤقتا..." يلاحظ أن هذه المادة تؤكد التوجه الذي انتهجه المشرع وسبق بيانه أعلاه، أن كل ما يتعلق بمس الحرية أو الملكية لا بد له من نصوص خاصة توضح صلاحيات الجهة المناط بها الأمر، وذلك تماشيا مع القواعد التي أرساها النظام الأساسي للدولة.
على كل حال ندعو رئيس اللجنة المستحدثة بالقرار رقم (42/2011) أن يتراجع عن هذا القرار. 
 
• التبس لدى البعض عبارة قرار قضائي، فما يجب توضيحه أن بعض القرارات التي يصدرها الادعاء العام تسمى قرارات قضائية

نشر في جريدة الزمن 1-5-2011م

04‏/03‏/2011

تكبيل حرية العامل


بعد أن نفض الشعب غُبار الصمت، وأقنع العالم والشعب بوقفته الاعتصامية ومطالبه المشروعة، خاصة من خلال "ساحة الشعب" المقامة أمام مجلس الشورى، تبين–ولا زال- أن أعمال التخريب التي جدف بها لإثباط عزم الشباب لم تكن إلا حركة استفزازية يجب معاقبة المتسبب والمسؤول عنها، ليس هذا فقط إنما الأمر المحزن أن تقوم كبريات الشركات بتكبيل وتهديد جميع العمال لديها ليس لسبب إنما لقلة السبب ذاته، وبطريقة غير أخلاقيه البتة أرسلت وخاطبت العديد من الشركات العاملين لديها وحذرتهم من الخروج أو التضامن مع أي من المعتصمين، وشددت على عدم الادلاء بأي آراء سياسية دون وجه حق، والأغرب من هذا كله أن بعض شركات الاتصال طلبت بعض العاملين لديها ومنعتهم حتى من إرسال النكت أو البيانات السياسية! لم يقف الأمر عند هذا الحد إنما تم تهديد العمال بالفصل من العمل أو عدم الترقية أو الخصم من الراتب إذا تبين لهم أن أحد عمالهم عبر عن رأيه.
ما صدر من هذه الشركات أعادني إلى مئات السنين فتذكرت زمن العبودية الجسدية والفكرية منها، فما أعرفه أن علاقة رب العمل بالعامل لا تتجاوز ساعات العمل ولا علاقة له بالعامل خارج أوقات العمل، وفضلا عنها هذا لا يجوز لأي كان أن يحرم انسانا من ممارسة حقوقه التي كفلها القانون، فيا ترى ما هو المنطلق –الرث-  الذي انطلقت منه هذه الشركات ومن هي الجهة التي أمرتها بذلك، تصرفٍ كهذا يجانب الصواب ويحرم هؤلاء العمال من أسمى حقوقهم فبدلا من شد عزيمتهم يتم هدم معنوياتهم وتكبيل جماحهم من أشد الأماكن الا وهو مورد رزقهم الوحيد، فيا ترى هل ستتدخل وزارة القوى العاملة وتبين لهذه الشركات أن ما تقوم به لا يعدوا كونه خرقا للقانون.

جريدة الزمن تاريخ 5/3/2011م