30‏/03‏/2009

مقاوم 1

فكر المقاوم الالكتروني بين التنظيم والترهيب (1)

لا أعرف لماذا يخصص الكتاب جل جهودهم في تعريف أحاديّ الرؤية فيما يتعلق بمصطلح ((المقاومة)) وكأن المقاومة لا تقع إلا ضد احتلال معين برأسه ناهيك عن دمقرطة المصطلح الذي بلغ في أبسط حالاته إلى ما يسمى إرهاب، فكرة المقاومة أوسع وأشمل من هذا كله، فالنملة عندما تعترضها إحدى أصابع رجلك اليمنى تقاوم ولا تتراجع بغية الوصول إلى الجهة الأخرى، وكذا الحال بالنسبة للإنسان الأعمى يقاوم عندما تقرب منه قداحة طفت للتو، فالمقاومة لها أشكال وألوان ليس بالسهولة حصرها فكل منّا مقاوم بطبيعته وبالطريقة التي يراها، ففلان قاوم النعاس وقاوم الجوع والعطش، وقاوم الألم النفسي الذي يعتريه من رأسه وصولا لحذائه إذا كان هذا الحذاء يصله الألم. وكذا الحال بالنسبة للمقاوم الالكتروني الذي صدته تيارات أعلى من أصبع تعترض طريق نمله، فأنطلق ليقاوم عبر الأزرار الرقمية على سعتها ورحابتها التي لا تعرف الكلل ولا الملل، فبعد مقاومة المنتديات الالكترونية أتت مقاومة المدون الذي ينتشر في أرجاء الشبكة يوما تلو يوم وكأنه رب الأزرار الرقمية.

يدار الجدل في غرف التحرير (ليس المقصود غرف التحرير المتعلقة بالصحافة العمانية) الصحفية عن الفكر المقاوم المادي والفكر المقاوم بفكره، عادة أميل للفكر المقاوم المادي لأنه ببساطة طبيعي وفطري بامتياز على كل ردة فعل تواجهه أما مقاومة الحال داخليا فلا يعد مقاومة إنما رتوش تمر على الخلايا الدماغية حسب الحدث والموقف، فمن خلال ما يحدث ماذا يستطيع المرء أن يطلق على الوضع التعبيري في عُمان ولا سيما النشر الالكتروني بكافة أشكاله فهل هو من قبيل المقاومة الفكرية أم من قبيل المقاومة الفكرية المادة؟

قبل تتمت ما خط أعلاه لا بد أن أبين بعض الأحداث التي أدت إلى خلق مصطلحات جديدة، ومن ضمن هذه المصطلحات الصحفي الالكتروني، فهل الكتاب في المدونات هم صحفيو بالمعنى المهني والعملي والقانوني أم ماذا؟
مهمت الصحفي بشكل عام إيصال المعلومات إلى الرأي العام، وتغطيت الإحداث المحلية أو العالمية بالإضافة إلى ممارسة رقابته على تصرفات الحكومة الخاطئة التي تعد شائكة نوعا ما بسبب تضيق شروط انطباقها على إهانه الموظف العام، ففي المقادير الحالية نستطيع القول أن الكتاب الإلكترونيون غير متخصصون في مجال الصحافة بالرغم من أنهم يقومون بما تقوم به الصحافة إلا أن الفارق بين الاثنين أن الصحفي يتمتع بحقوق لا يتمتع بها الكاتب العادي مثل حق الحصول على معلومات من الجهات الحكومية أو الخاصة ولكن هذا الفارق يفقد نصيبه في عمان بسبب خلو قانون المطبوعات من مادة تعطي للصحفي الحق في الوصول للمعومات، أما الفارق الأخر الذي يعد من حقوق الصحفي أنه عندما ينشر خبر وهذا الخبر غير صحيح مع اعتقاده بصحته يعد سبب من أسباب إباحة النشر أما الصحفي الالكترونية لا تنطبق عليه هذه المزايا التي يتمتع بها الصحفي لهذا نلاحظ أن المدونون يطالبون بالاعتراف بهم من قبل السلطات في دولة ما لكي يمارسون حقوقهم الصحفية التي يتمتع بها الصحفي العادي وهذا ما تم فعلا قبل يومين عندما وافقت وزارة الثقافة الأردنية على تأسيس جمعية المدونين الأردنيين، فما الذي يقود كتاب الأردن المدونين لكي يقوموا بإنشاء جمعية في الوقت الذي يحاول فيه الكاتب الالكتروني العماني أن يخفي هويته قدر المستطاع؟

ستتمحور الإجابة حول حقوق هذا الصحفي وما يتمتع به من امتيازات، فقانون المطبوعات أو قانون الحق على المعلومات يعطي الصحفي امتيازات جيدة تؤهله على أداء مهمته النبيلة على خير وجه، لهذا يسعى المدونون في الدول الأخرى للاعتراف بهم لكي يقدموا الصورة الحقيقية التي لا يشوبها التلفيق والتشهير بالإضافة إلى تمتعهم بذات الحقوق التي يتمتع بها الصحفي أما عن مصلحة المدونون العمانيون لأجل الاعتراف بهم منتفية لعدة أسباب أولها أنهم في وضعهم الحالي يتمتعون بمساحة تعبيرية أعلى عن التي يضيقها قانون المطبوعات بالإضافة إلى أنهم يستطيعون نشر ما يريدون دون أي رقيب هذا إذا لم تكشف هويتهم ولهذا السبب لم نسمع عن مساعي تطالب بالاعتراف بكتاب الانترنت، على كل حال يجب على القائمين بالصحافة أن يحثوا الخطى إلى ما يحفظ هويتهم ومهمتهم لأجل الوصول في مصاف الدول الأخرى ولا أن يتقوقعوا في ذات الرداء القديم.
يقاوم الكاتب إلكتروني مقاومة فكرية مادية عبر نشر أفكاره ورؤاه، فتمن المقاومة المادية بفعل الكتابة والنشر في آن واحد، فالملاحظ على الكتاب أنهم بشكل عام لا يقصدون بكتاباتهم الإساءة لأي شخص كان وهذه ميزة عمانية لا تتوفر في جميع الدول العربية، وهذا ما أكده الفلاحي في مقاله (شعب متصالح مع ذاته) والغريب في الأمر أن التشريع في عمان من أول المشرعين العرب الذي حاول تأطير المسؤولية الجزائية للكاتب عبر الانترنت ولا سيما ملاحقة المشرفين القائمين أو المؤسسين لهذه المواقع بالرغم من عدم وجد نص قانوني يلقي على عاتقهم الإشراف، فهل نجح هذا القانون الذين خلط من ناحية تطبيقه بينه وبين حرية النقد؟
المتتبع للثورة الانترنتيه يلاحظ أن في حال محاكمة أحد الكتاب الإلكترونيون يحدث هدوء نسبي وهذا ما حدث فعلا عندما تم مثول أول كتاب أمام القضاء إلا أن سرعان ما تلاشى هذا الصمت المقيت وأصبح بدل الكاتب ألف كاتب فمن رحم القضاء يولد الأحرار المدافعون عن حرية الرأي التي تحاول قدر المستطاع أصلاح ما تم ردمه في الأيام السابقة، وأبرز الأمثلة شاهده على ما يحدث الآن.
ما الذي يحتاجه المدون العماني أو الكاتب الالكتروني إن صح الوصف، لا يرغب إلا في نظام قانوني يضمن له حقوقه وحرياته ليس إلا، فهذه الحقوق لا تأتي من سوابق إنما لا بد للمشرع من معالجتها فليس من العدل أن نجرجر كاتب في غياهب السجون بينما نترك بعض المجرمين في عنان الدنيا يلعبون، فالذي يقصد الإساءة لكرامة الناس وتشويه سمعتهم يحاول قدر المستطاع نشر قباحاته بشكل رقمي لا تستطيع السلطات المختصة الإمساك به وخاصة فيمن ينشرون الصور العارية والأفلام الخليعة، سيقول قائل ما الفرق بما أنهم جميعهم سيؤن، فأجبه بما يمليه ضمير العدالة وتحقيق الصالح العام أن الأول مها اخطأ فأن مساعيه التي لم يصب فيها تختلف أسبابها و مآرب الشخص الثاني الذي لا يهدف إلا لنشر الفتنه والرذيلة في المجتمع.

هناك تعليقان (2):

  1. لله درك...
    متابعون ولكم مساندون...


    العماد

    ردحذف
  2. سؤال ملزم : إن جاءت المبادرة عكسية من جهة المراد هجومة , سواء هو بادر بالهجوم أو دفاع بغض النظر عن نوعية الهجوم وقسوتها, بهذه الوضعية نكون قد أنتجنا جهتان دفاعيتان مع زوال صفة المدافع .

    شكرا جدا لك عزيزي
    اهديك لنفسك طلسم فيروزي علها ترفعك للنيرفانا

    ردحذف